ولا صاحب الثّلاثة على ما عليه صاحب الأربعة ، ولا صاحب الأربعة على ما عليه صاحب الخمسة ، ولا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب الستّة ، ولا صاحب الستّة على ما عليه صاحب السبعة ؛ وسأضرب لك مثلا : إنّ رجلا كان له جار وكان نصرانيّا فدعاه إلى الإسلام وزيّنه له فأجابه ، فأتاه سحيرا فقرع عليه الباب فقال له : من هذا؟ قال : أنا فلان ، قال : وما حاجتك؟ فقال : توضّأ والبس ثوبيك ومرّبنا إلى الصلاة ، فتوضّأ ولبس ثوبيه وخرج معه ، فصلّيا ما شاء الله ، ثمّ صلّيا الفجر ثمّ مكثا حتّى أصبحا فقام الّذي كان نصرانيّا يريد منزله ، فقال له الرّجل : أين تذهب؟ النهار قصير والّذي بينك وبين الظهر قليل؟ قال : فجلس معه إلى أن صلّى الظهر ، ثمّ قال : وما بين الظهر والعصر قليل ، فاحتبسه حتّى صلّى العصر ، ثمّ قام وأراد أن ينصرف إلى منزله ، فقال له : إنّ هذا آخر النهار وأقلّ من أوّله فاحتبسه حتّى صلّى المغرب ، ثمّ أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له : إنّما بقيت صلاة واحدة ، فمكث حتّى صلّى العشاء الآخرة ، ثمّ تفرّقا ، فلمّا كان سحيرا ـ من الغد ـ غدا عليه فضرب عليه الباب ، فقال : من هذا؟ قال : أنا فلان ، قال : وما حاجتك؟ قال : توضّأ والبس ثوبيك واخرج بنا فصلّ. قال : اطلب لهذا الدّين من هو أفرغ منّي ، وأنا إنسان مسكين وعليّ عيال! فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أدخله في شيء أخرجه منه ، أو قال : أدخله من مثل ذه وأخرجه من مثل هذا» (١).
***
[٢ / ١٨٤] وبإسناده عن يحيى بن أبان ، عن شهاب قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «لو علم النّاس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا. قلت : أصلحك الله فكيف ذاك؟ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا. ثمّ جعل الأجزاء أعشارا ، فجعل الجزء عشرة أعشار ، ثمّ قسّمه بين الخلق ، فجعل في رجل عشر جزء ، وفي آخر عشري جزء ، حتّى بلغ به جزءا تامّا. وفي آخر جزءا وعشر جزء ، وآخر جزءا وعشري جزء ، وآخر جزءا وثلاثة أعشار جزء ، حتّى بلغ به جزئين تامّين ، ثمّ بحساب ذلك حتّى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا ، فمن لم يجعل فيه إلّا عشر جزء ، لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين ، وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثّلاثة الأعشار ، وكذلك من تمّ له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين. ولو علم النّاس أنّ الله عزوجل خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا» (٢).
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٢ ـ ٤٤ / ٢.
(٢) المصدر : ٤٤ / ١.