[٢ / ٤٦٧] وقال مقاتل بن سليمان : ثمّ ضرب الله للمنافقين مثلا فقال ـ عزوجل ـ : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) طفئت ناره ، يقول الله ـ عزوجل ـ : مثل المنافق إذا تكلّم بالإيمان كان له نور بمنزلة المستوقد نارا يمشي بضوئها ما دامت ناره تتّقد ، فإذا ترك الإيمان كان في ظلمة كظلمة من طفئت ناره ، فقام لا يهتدي ولا يبصر ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) يعني بإيمانهم. نظيرها في سورة النور (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ)(١) يعني به الإيمان ، وقال ـ سبحانه ـ في الأنعام : (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ)(٢) يعني يهتدي به الّذين تكلّموا به (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) يعني الشرك (لا يُبْصِرُونَ) الهدى (٣).
[٢ / ٤٦٨] وقال عطاء الخراساني في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) : هذا مثل المنافق يبصر أحيانا ويعرف أحيانا ثمّ يدركه عمى القلب. قال ابن أبي حاتم : وروي عن عكرمة والحسن والسدّي والربيع بن أنس نحو قول عطاء الخراساني (٤).
[٢ / ٤٦٩] وقال عطاء ومحمّد بن كعب : نزلت في اليهود وانتظارهم خروج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واستفتاحهم به على مشركي العرب ، فلمّا خرج كفروا به (٥).
[٢ / ٤٧٠] وقال أبو مسلم : معناه أنّه لا نور لهم في الآخرة وأنّ ما أظهروه في الدنيا ، يضمحلّ سريعا كاضمحلال هذه اللمعة (٦).
[٢ / ٤٧١] وأخرج الثعلبي عن الضحّاك : لمّا أضاءت النّار أرسل الله عليه ريحا قاصفا فأطفأتها ، فكذلك اليهود كلّما أوقدوا نارا لحرب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أطفأها الله (٧).
[٢ / ٤٧٢] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) قال : أما إضاءة النّار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى ، وذهاب نورهم إقبالهم إلى الكافرين
__________________
(١) النور ٢٤ : ٤٠.
(٢) الأنعام ٦ : ١٢٢.
(٣) تفسير مقاتل ١ : ٩١ ـ ٩٢.
(٤) ابن كثير ١ : ٥٧ ، ونقلا عن عبد الرحمان بن زيد بن أسلم ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٥٠ / ١٦٠.
(٥) البغوي ١ : ٩٠ ؛ مجمع البيان ١ : ١١٣ ؛ أبو الفتوح ١ : ١٤٠ ، نقلا عن سعيد بن جبير ومحمّد بن كعب وعطاء ويمان بن رئاب ؛ الثعلبي ١ : ١٦١ ، عن سعيد بن جبير ومحمّد بن كعب وعطاء ويمان بن رئاب.
(٦) التبيان ١ : ٨٨.
(٧) الثعلبي ١ : ١٦١.