انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ)(١) فكأنّه دعاء عليهم بأن يخلّيهم الله وما اختاروه ، ولا يعطيهم من زيادة التوفيق والألطاف ، ما يعطي المؤمنين. فيكون خذلانا لهم. وهو في الحقيقة إخبار عن خذلان الله إيّاهم ، وإن خرج في اللّفظ مخرج الدعاء عليهم.
ثمّ قال : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وهو عذاب النّار (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) أي بتكذيبهم الله ورسوله ، فيما جاء به من الدين ، أو بكذبهم في قولهم : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)(٢). (٣).
[٢ / ٣٩٤] قال ابن زيد ـ في قوله : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) ـ : زادهم رجسا. وقرأ قول الله عزوجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ)(٤) قال : شرّا إلى شرّهم وضلالة إلى ضلالتهم (٥).
[٢ / ٣٩٥] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) قال : ريبة وشكّا (٦).
[٢ / ٣٩٦] وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) قال : شكّا (٧).
[٢ / ٣٩٧] وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) قال : زادهم الله شكّا (٨).
قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
[٢ / ٣٩٨] أخرج ابن جرير عن الربيع ، قال : (أَلِيمٌ) : الموجع (٩).
[٢ / ٣٩٩] وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده إلى الربيع بن أنس عن أبي العالية ، في قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال : الأليم : الموجع في القرآن كلّه. قال : وكذلك فسّره سعيد بن جعفر ، والضحّاك بن
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٢٧.
(٢) البقرة ٢ : ٨.
(٣) مجمع البيان ١ : ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٤) التوبة ٩ : ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٥) الطبري ١ : ١٧٩ / ٢٨٠ ؛ ابن كثير ١ : ٥١ ، وقال : «هذا الّذي قاله عبد الرحمان حسن وهو الجزاء من جنس العمل».
(٦) الدرّ ١ : ٧٦ ؛ الطبري ١ : ١٧٩ / ٢٧٩. وكذا نسبه إلى ابن مسعود وناس من أصحاب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٧) الطبري ١ : ١٧٨ / ٢٧٧ ؛ الدرّ ١ : ٧٥.
(٨) الدرّ ١ : ٧٦ ؛ الطبري ١ : ١٧٩ / ٢٨١.
(٩) الطبري ١ : ١٧٩ / ٢٨٢. وبنحوه عن الضحّاك / ٢٨٣.