قد (١) بيناها في كتاب الإرشاد ودللنا على ثبوتها في اللغة (٢). وإذا ثبت ذلك تكلمنا في معنى الآية ؛ لأنه المطلوب دون ما عداه ، فنورد الآية من أولها ، ونذكر معناها الذي ذكره المفسرون فنقول : روي أن الله تعالى كان قد بسط على اليهود ، وأكثر الخصب عليهم ، فلما عصوا النبي عليهالسلام قبض الله عليهم في الرزق ، فقالوا : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) ، كما حكى الله في قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) [المائدة : ٦٤] وقيل : اسم القائل فنحاص (٣). ومعنى مغلولة : أي مقبوضة عن العطاء (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) أي ألزموا البخل ؛ فلهذا لا تجد ألأم منهم ولا أبخل. وقيل : غلّت في نار جهنم ، أي شدّت إلى أعناقهم. قوله تعالى : (وَلُعِنُوا بِما قالُوا) اللعنة من الله الإبعاد من الخير. واللعنة من غيره الدعاء باللعن. قوله (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) [المائدة : ٦٤] أي نعمتاه : نعمة الدنيا ونعمة الآخرة ، وعلى هذا يقول قائل أهل اللغة : عندي لفلان يد ، وشكرت يدك عندي ، معناه النعمة. وتقول لفلان : عندي يد بيضاء (٤). وقال الأعشى (٥) يخاطب ناقته :
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم |
|
تريحي وتلقي من فواضله يدا |
وأنشد الفرّاء :
__________________
(١) في بقية النسخ : تنصرف في اللغة على ثمانية معان ، وقد.
(٢) ينظر في الطبرسي ٣ / ٣٧٥.
(٣) ينظر الطبرسي ٣ / ٣٧٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٢٣ ، والدر المنثور ٢ / ٢٢٥.
(٤) الطبري مج ٤ ج ٦ ص ٤٠٦. والقرطبي ٦ / ١٥٥.
(٥) الأعشى : ميمون بن قيس بن جندل ، يقال : الأعشى الكبير ، من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية ، وأحد أصحاب المعلقات ، أدرك الإسلام ولم يسلم ، وتوفي سنة ٧ ه. ينظر الأعلام ٧ / ٣٣١.