وإن تثبت له صفة
الوجود فلا يخلو أن يكون لوجوده أوّل ، أو لا ، إن لم يكن لوجوده أوّل فهو القديم
تعالى ، وإن كان لوجوده أوّل فهو المحدث. ثم هو لا يخلو أن يشغل الحيّز عند وجوده
، أو لا. إن لم يشغل الحيّز فهو العرض. وإن شغل الحيز عند وجوده ، فلا يخلو أن
يقبل التّجزّؤ والانقسام ، أو لا. إن لم يقبل التجزؤ والانقسام فهو الجوهر ، وهو
المتحيز الذي لا يقبل التجزؤ ، وإن قبل : التجزؤ والانقسام ؛ فلا يخلو أن يقبله في
الامتدادات الثلاثة ـ وهي الطول والعرض والعمق ـ أو لا. إن قبله فيها جميعا فهو
الجسم ، وهو مشتمل على ثمانية جواهر.
والجسم هو الجواهر
المؤتلفة طولا وعرضا وعمقا ، فإن لم يقبله في جميعها فلا يخلو أن يقبله في
امتدادين منها أو لا ، بل في امتداد واحد. إن قبله في امتدادين منها فهو الجواهر
المؤتلفة طولا وعرضا ، وقد يعبّر عنه بالسطح وبالصفيحة ، وإن قبله في امتداد واحد
فهو الجواهر المؤتلفة طولا ، وهو المعبر عنه بالخط. فثبت أنه تعالى لو أشبهها لوجب
أن يكون جسما أو جوهرا أو عرضا.
وأما الأصل الثاني : وهو أنه ليس بواحد منها.
أمّا أنه تعالى
ليس بجسم فلوجوه ثلاثة : منها أنه لو كان جسما لكان محدثا كما ثبت بالحدوث في سائر الأجسام من السماء والأرض ونحوهما ؛ لأنّ المثل
يجوز عليه ما يجوز على مثله ، وقد ثبت أنه تعالى قديم ، لو لا ذلك لاحتاج إلى محدث
آخر إلى غير غاية ، وهذا محال.
ومنها أنه لو كان جسما لوجب أن لا يصح منه فعل الأجسام [خلقها] ،
كما لا يصح فعل شيء منها من سائر الأجسام ، وفي علمنا بخلاف ذلك دلالة على أنه ليس
بجسم.
__________________