أما قضية الإمامة وحصرها في أولاد الحسن والحسين بشروط بعيدة المنال ، فليست الزيدية وحدهم تكلموا في هذا ، فالمذهب الجعفري يحصرها في اثني عشر ، وأهل الحديث يحصرونها في قريش. وفي العصر الحديث ، نرى اليابان تجعل أسرة الامبراطور آلهة. وفي الدول الملكية يحصرون الملك في أسر معينة ، وينتظرون الطفل في بطن أمه ، ولا يجوز الخروج عن الأسرة التي حددها الدستور.
فلما ذا لا يحترم المذهب الزيدي في رأيه ، ولا سيما وهو بصدد حصر الإمامة في أسرة عريقة في الإسلام ، وقدمت خدمات أجل من أن توصف بل هي أسرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم إنا نعرف أن النظريات غير الواقع ، فما عرف التأريخ إلا منطق الغلبة والقوة منذ وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى اليوم. والمستبعد هم آل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغالب ، وليس لهم حظ سوى في عقائد بعض الفرق كالزيدية ، أفلا نترك هذه الفرقة العظيمة لتحمل الذكريات على الأقل.
وإذا كان هناك ما يستدعي التعديل حسب المنطق الثوري ، وهو مسألة حصر الإمامة في البطنين فقد حسمها الدستور حيث ساوى بين اليمنين في الحقوق والواجبات ، لكن غرابة المذهب الزيدي وضياعه في داره لم يكن فقط في إدخاله في قفص الاتهام بجوار آل حميد الدين ونبز من يدرسه بالملكي والرجعي والإمامي! وما شابه ذلك ، إنما الغرابة في إزالته من المناهج الدراسية الابتدائية والاعدادية والثانوية والجامعة ، وأصبح مألوفا تدريس الجبر والتشبيه والتجسيم ، وصار بطل الساحة في الدراسات الإسلامية هو ابن تيمية! ولم يعد للإمام الشهيد زيد بن علي عليهالسلام مكان! ولا للإمام العادل يحيى بن الحسين محل! ، وقد نجد المدرّس في الجامعة يشير في بحثه إلى الظاهرية والخوارج وابن القيم ، ولا يخطر المذهب الزيدي له ببال ولو من باب الوطنية! وبعضهم ممن لا تلتقي بذمه الشفتان استحقارا له ، يشتم المذهب وينتقصه ، ولو وجد من الطلاب من يحثي في أفواه مثل هؤلاء المرضى والمعقدين لما تجرءوا على التطاول على مذهب العدل والاجتهاد والحرية.