قميصا (١) لم تقبل صلاته حتى ينخرق ذلك الجلباب عنه. إن الله تعالى أكرم وأجلّ من أن يتقبّل عمل رجل أو صلاته وعليه جلباب من حرام» (٢). وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من اكتسب مالا حراما لم يقبل الله منه صدقة ولا حجّا ولا عمرة ولا صياما ، وكتب ما أنفق عليه وزرا (٣) في عنقه ، وما بقي كان زاده إلى النار» (٤). وتصديق ذلك كله قول الله سبحانه وتعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة : ٢٧] ، وقوله تعالى : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) [التوبة : ٥٣] ، وقال الله في الزبور : مثل الصّدقة مع الحرام كمثل الذي يغسل القذر ببوله عن ثوبه. وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء.
ومما يدل على عظم أمر الظّلم أن النّمرود بن كنعان مع ادّعائه للربوبية لم يرض لنفسه بالظلم ، ولا استحسن لنفسه أن يفعل ما يتّهم (٥) به الناس كونه ظالما ؛ فإن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه لمّا كسر الأصنام رفعوا خبره إلى النّمرود فقال لهم : فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ، فأمرهم بالإشهاد على كسر الأصنام ؛ ليظهر للنّاس أنه إنّما يعاقب إبراهيم عليهالسلام لأجله فيخرج بذلك عن الظلم ، فلم يرض لنفسه بالظلم ، ولا بما يوهمه ، مع كفره وعتوّه ، وادعائه للربوبية. ثم لا أعدل من الله تعالى ، ولا أجلّ ولا أعظم ، فإذا كان يوم القيامة جاء بالشهود. قال تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ)
__________________
(١) في (ب) : أو قميصا.
(٢) شمس الأخبار ٢ / ٢٦٥.
(٣) في (ب) و (ج) : وكتب عليه ما أنفق منه.
(٤) الحاكم في السفينة ٣ / ٢٦٢.
(٥) في (ب) : ما يتهمه به الناس.