بأن يكون ساهيا أو نائما. ويثبت هذا الوصف بما ذكرناه ، وينتفي بانتفائه على اصطلاحهم ومواضعتهم ؛ ولهذا لا يصفون الأصمّ والأعمى بذلك ـ وإن كانا يعلمان المسموعات والمبصرات قبل أن يصيبهما العمى والصّمم ـ وكذلك من لا يكون حيّا فإنهم لا يصفونه بأنه سميع بصير.
فثبت بذلك ما ذكرناه من أنه تعالى سميع بصير. وقد قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة : ١] ، فصار بذلك مؤكّدا لأدلة العقل.
فكمل بكمال هذه المسألة مسائل الإثبات في التوحيد ، ويلحق بذلك ما تتعلق به الصّفاتية أهل الجهالات من ظواهر الآيات (١) ، من ذلك قول الله تعالى : (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) [فاطر : ١١] ، قالوا : فقد أثبت العلم لنفسه.
والجواب : أنّ الظاهر لا تعلّق لهم به ؛ من حيث إنّه يقتضي أنّ الوضع كان بعلمه ، والحمل كذلك أيضا ، فيكون العلم آلة للحمل والوضع ؛ لأنّ ذلك هو ما يقتضيه ظاهر اللفظ ، وهذا مما لا خفاء (٢) لفساده ، ولا يقوله الخصم أيضا.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) [البقرة : ٢٥٥] (٣) فظاهره يقتضي أن علمه يتبعّض لدخول «من» عليه ، وهي موضوعة في اللغة للتبعيض.
[وقوله تعالى : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) (٤)
__________________
(١) شرح المواقف ٣ / ١١٣.
(٢) في بقية النسخ لا خفا.
(٣) في (ه) الظاهر أن هنا سقط ، ولعله : ولا يحيطون بشيء من علمه ، أي من معلومه ، ومن ذلك قوله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) وظاهره يقتضي .. إلخ.
(٤) ذكر في هامش الأصل وهامش (ب) : الظاهر أنّ هاهنا ساقطا وأن الخصم قد احتج