الشكر ، وإقداره له (١) على الاعتراف بنعمه (٢) ـ لما ذكر الله تعالى ذاكر ، ولا شكره شاكر. (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم : ٣٤]. وعلى الجملة أيها المسترشد فانظر في نفسك فما (٣) لا تستحسن لعبدك من مخالطة عدوك ـ فلا تستحسنها لعدو مولاك تبارك وتعالى ، فإنك لا تستحسن من عبدك (٤) مخالطة عدوك بالمناصرة ، والمعاضدة ، والملاينة ، والمساعدة ، والموادة ، والمشاورة ، والمعاونة ، والمظاهرة ، والمصاحبة ، والمجاورة ، ونحو ذلك. ثم أقلّ حقوق الله سبحانه وتعالى عليك أن تنزّله منزلة نفسك ، وتنزل نفسك فيما يحلّ لها من عدو الله منزلة عبدك فيما تستحسنه له في عقلك من عدوك ، ولا سواء ، فإن لله المثل الأعلى ، وهو أجل وأعلى ، ونعمه عليك لا تحصى. وأما ما وعدناه من إيضاح الدلالة فهذا حين إيضاح السبيل وإقامة الدليل. فنقول وبالله التوفيق : دلّ على وجوب موالاة أولياء الله ، ووجوب عداوة أعداء الله الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب : فقوله تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) الآية [المجادلة : ٢٢]. وقال عز قائلا : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) [الأنفال : ٧٢] ، وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) [الممتحنة : ١] وإنما أراد بذلك مكاتبتهم بسر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) بحذف «له» من (ب).
(٢) في (ب) : بنعمة الله.
(٣) في (ب) : فيما ، وفي الهامش : فكما.
(٤) في (ب) : وتعالى علوا كبيرا ، فإنك لا تستحسن لعبدك.