النخل ؛ لأنه إذا يبس قوّس. وأما الاصطلاحي : فهو في اصطلاح المتكلمين : الموجود الذي لا أوّل لوجوده (١).
الفصل الثاني في الدلالة على أنه تعالى قديم :
والذي يدل على ذلك : إما أنّه تعالى موجود وهو جنس الحد (٢).
فالذي يدل على ذلك أنّ عدم القدرة على الفعل تمنع من وجود الفعل من الواحد منّا مع وجود ذاته (٣) ، وثبوت علمه وحياته على ما تقدم. وعدم ذات الفاعل أولى بالمنع من ذلك (٤) ؛ من حيث إن حاجتها (٥) إليه هي حاجة الأثر إلى مؤثّره ، وهو أقوى من حاجتها إلى القدرة ، ولأنّ الفعل يدلّ بنفسه على وجود فاعله ؛ لأنه لا بد من تعلّق بين الفعل وفاعله على ما هو ظاهر عند العقلاء ، والتعلّق يحيل العدم ، وقد دللنا على أنّ الأفعال قد وجدت منه تعالى ، ووجودها فرع على وجود ذاته عزوجل ؛ فثبت أنه تعالى موجود.
وإمّا أنّه لا أوّل لوجوده وهو فصل الحد ؛ فلأنه لو كان لوجوده أوّل لكان محدثا ، فإن ذلك هو معنى المحدث ، ولو كان محدثا لاحتاج إلى محدث ، لأنّ المحدث متعلق في العقل بمحدثه كما كانت الكتابة متعلقة بكاتبها ، والنظم بناظمه ، والبناء ببانيه ؛ إذ لا يجوز في العقل وجود أثر لا مؤثّر له ، ولا وجود كتابة لا كاتب لها ، ولا نظم لا ناظم له ، ولا بناء لا باني له. فثبت أنّه لو كان
__________________
(١) شرح الأصول الخمسة ١٨١.
(٢) جنس الحد ما يدخل فيه المحدود وغيره مثل موجود يدخل كل الموجودات أما الفصل فهو ما يميز المحدود عن غيره وهو هنا قوله لا أوّل لوجوده الذي ذكره في قوله وإمّا الثانية.
(٣) أي الواحد.
(٤) أي من وجود الفعل.
(٥) أي القدرة.