أصول الشرائع ، فهما بأوامر القرآن ، والسنة ، ونواهيهما ، وعامّهما ، وخاصّهما ، ومجملهما ، ومبيّنهما ، وناسخهما ، ومنسوخهما ، عارفا بما اشتمل عليه كتاب الله تعالى من اللغة ، وبجملة من النحو إن لم يكن عربي اللسان بصيرا بمواضع الإجماع ، وطرف من الخلاف ، عارفا بجملة من الأخبار ، وبما يوجب العلم منها والعمل ، وبما يوجب العمل منها دون العلم ، وأن يكون عالما بجملة من وجوه الاجتهاديات والمقاييس ؛ ليمكنه رد الفرع إلى أصله ، وما لا بدّ منه في هذا الفن من العلم بأحكام أفعال النبي عليهالسلام وتقريراته ، وأفعال العترة (ع) ، وتقريراتهم ، وأفعال الأمة وتقريراتهم.
وأن يكون فاضلا بحيث يكون أشهر أهل زمانه بالزيادة على غيره في خصال الإمامة. وأن يكون له من جودة الرأي وحسن التمييز ما يقتضي أن يفزع إليه في المشورة عند التباس الأمور ، ولا يجب أن يكون أسدّ (١) الأمة رأيا ، ولا أن يكون أعلمهم ولا أسخاهم ولا أشجعهم ؛ لأن ذلك ممّا يتعذر العلم به فيكون القول بوجوب اعتباره ساقطا.
والذي يدل على اشتراط هذه الشروط أن الصحابة (رض) أجمعت على وجوب اعتبارها في الإمام ، على ما ذكرناه في كتاب النظام وبيناه ، لا يخرج عن إجماعهم إلا اعتبار كونه فاطميا فلم يجمعوا عليه ، وقد دللنا على وجوب اعتبار كونه فاطميا فيما تقدم ، فلا فائدة في إعادته وبذلك ثبت الكلام في الفصل الأول ، وهو في ثبوت الإمامة في أهل البيت (ع) دون غيرهم ما بقي التكليف (٢).
__________________
(١) في (الأصل) : أشدّ ، وهو خلاف الأظهر.
(٢) قاعدة الحكم عند المسلمين لم تقم أساسا ، فالبعض يجيزها للغاصب والظالم ويوجب طاعته وبعضهم يجيزها بالوصية والوراثة وبعضهم يحصرها في قريش ، والإمامية قصرتها على اثنى عشر من أهل البيت من نسل الحسين ، وبعضهم يجيزها في العرب والعجم ، والزيدية تحصرها في أولاد فاطمة بشروط معروفة ، ويا ليت الشروط اكتملت في الحكام وكانوا من مسلمي الجن.