يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها) [ق : ٦] ، وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «تفكروا في آلاء الله ، ولا تتفكروا في الله».
فإن قيل : ما العالم؟ ، قلنا : العالم واحد العالمين ، وهم أصناف الخلق (١). هذا هو معناه اللّغوي ، ذكره صاحب ديوان الأدب (٢). وقد قيل : بأن العالم هو النوع ممّا يعقل ، وهم الملائكة والإنس والجن. وقيل : بأن أهل كل زمان عالم. وقيل : هو اسم لما حواه الفلك ، ولفظ الواحد منه عالم ، وإذا جمعت ، قلت : العالمين. وهذا الفرق في اللفظ دون المعنى ؛ لأنّ اللفظين ينبئان عن معنى واحد.
وهو في اصطلاح المتكلمين ينطلق على السموات السبع ، والأرضين السبع ، وما فوقهن وما تحتهن ، وما فيهن من الأعراض التي لا تدخل تحت مقدورات العباد. واختلف العلماء في اشتقاقه ، فمنهم من قال : اشتقاقه من العلم ؛ لأنه اسم يقع على ما يعلم. وقيل : لأنه علم ودليل على صانعه. وقيل : من العلامة ؛ لأنه عند النظر يعلم ويفهم ويدلّ على صانعه ، وهو يعمّ من يعقل وما لا يعقل. وإذ فرغنا (٣) من هذا الفصل فلنتكلم في المسائل مسألة مسألة إن شاء الله تعالى. فنقول :
__________________
(١) قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : العالم عالمان كبير هو الفلك بما فيه ، وصغير وهو الإنسان ؛ لأنه على هيئة العالم الكبير ، وفيه كل ما فيه. وإليه أشار القائل :
أتحسب أنك جرم صغي |
|
ر وفيك انطوى العالم الأكبر |
ينظر تاج العروس ١٧ / ٤٩٨.
(٢) هو الأديب إسحاق بن إبراهيم بن الحسين الفارابي وهو غير الفيلسوف ، وقد اغترب في اليمن (زبيد) ، وصنف كتابه المذكور ، ووصفه بقوله : هو ميزان اللغة ومعيار الكلام ، وت ٣٥٠ ه. ينظر معجم الأدباء ٦ / ٦١. والأعلام ١ / ٢٩٣. وصبح الأعشى ١ / ٥٣٩.
(٣) في (ب) : وإذا قد فرغنا.