على ما أخبر (١). إلى غير ذلك مما يطول تعداده ، ويسمج إيراده لظهوره واشتهاره ، وكثرته واستمراره ، ولا شبهة في ذلك وفي كون ذلك مما لا يمكن البشر الإعلام به إلّا بإعلام الله تعالى ؛ فثبت الأصل الأوّل.
وأما الأصل الثاني وهو أنّ كل من جاء بذلك فهو نبي صادق. فالذي يدل على ذلك أنه لو لم يكن عالما لما جاز استمرار ذلك على وتيرة واحدة ، وطريقة مستمرة ، وإنما يجوز ذلك على سبيل الاتفاق والشذوذ والنّدور (٢) ، وذلك ظاهر. ولن يكون عالما بذلك على سبيل الاستمرار إلّا وهو نبي صادق ؛ لأنه لا يعلم ذلك إلا بوحي من الله تعالى لما ثبت من أنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه ، قال تعالى : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان : ٣٤].
ولا يجوز أن يظهر الغيب على كاذب ؛ لأن ذلك قبيح لما فيه من التلبيس والتغرير ، وقد بينا (٣) أنه تعالى لا يفعل القبيح ؛ فيجب أن نقضي (٤) أن هذه الأخبار صادرة من قبل الله تعالى ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صادق بما ادّعاه من النبوة ، وأن الله تعالى إنما أعلم بها رسوله تصديقا لقوله وتأييدا لأمره. وهذان الوجهان
__________________
(١) ذكر ذلك أبو طالب في أماليه ص ٢٩ ـ ٣٤. وأحمد بن حنبل ١ / ٢٣٠ رقم ٨٤٨. وص ٢٩٦ رقم ١١٨٨ ، ١١٨٩. وص ٣١٠ رقم ١٢٥٤. والكامل لابن الأثير ٣ / ١٧٥. والبداية والنهاية ٧ / ٣٢٣. والطبري ٥ / ٨٨.
(٢) في الأصل : والندور ، ثم خدشت الواو الراء ، والأظهر ما هو مثبت.
(٣) في (ب) و (ج) : وقد ثبت.
(٤) غير منقوطة في جميع النّسخ ، فيجوز تقضي بالتاء ، ويقضي بالياء ، ونقضي بالنون ، ويقضى مغير صيغة.