به إلا بإعلام الله تعالى. وكلّ من جاء بذلك فهو نبيّ صادق. وهذه الدلالة تنبني على أصلين : أحدهما أنه جاء بالأخبار الكثيرة عن الغيوب الماضية والمستقبلة على سبيل التفصيل ، واستمر ذلك على حدّ لا يمكن البشر الاعلام به إلّا بإعلام الله تعالى. والثاني أنّ كل من جاء بذلك فهو نبي صادق.
أما الأصل الأول فذلك ظاهر : أمّا إخباره عن الغيوب الماضية ؛ فنحو إخباره بقصة آدم وحوّاء وأولادهما ، ونوح وقومه ، وأخبار سائر الأنبياء المفصّلة في القرآن ، وأصحاب الكهف ، وذي القرنين ، ونحو أخبار أهل الكتابين ونشر فضائحهم وأفعالهم.
وأمّا إخباره عن الغيوب المستقبلة ؛ فنحو إخباره بأسرار المنافقين ، وما قد عزموا على فعله في المستقبل ، وإخباره بأن اليهود لا يتمنون الموت في قوله : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) [البقرة : ٩٥] وكان الأمر في ذلك على ما أخبر. ونحو إخباره بهزيمة بدر قبل وقتها ، في قوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر : ٤٥] ؛ وكان الأمر على (١) ما أخبر. ونحو إخباره بقصة ملك الروم وفارس في قوله تعالى : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ١ ـ ٣]. ونحو قوله للزبير بن العوام : «إنّك تقاتل عليّا وأنت له ظالم» (٢).
__________________
(١) في (ب) : بحذف على.
(٢) أخرجه كنز العمال ١١ / ٣٣٩ رقم ٣١٦٨٩ ورقم ٣١٦٩٠. والبيهقي في الدلائل ٦ / ٤١٤ ، ٤١٥. وابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٢٦٨. والطبري ٤ / ٥٠٩. والكامل لابن الأثير ٣ / ١٢٢. وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) للذهبي ص ٤٨٨ ـ ٤٩٨. والإصابة لابن حجر ١ / ٥٢٧.