وعن علي عليهالسلام أنه قال : «إيّاك والاستنان بالرجال ، يقول الرجل : أصنع
ما يصنع فلان وانتهي عمّا ينتهي عنه فلان.
ومما يختصّ إبطال
تقليد الأكثر أن يقال : إنّ الكثرة ليست بدلالة للحق ، ولا القلّة علامة للباطل ؛
لما يشهد له الكتاب والسنة.
أما
الكتاب : فلأن الله تعالى
قد ذمّ الأكثرين عددا ، فقال عزّ قائلا : (وَإِنْ تُطِعْ
أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) الآية [الأنعام : ١١٦] وقال تعالى : (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) [المؤمنون : ٧٠].
وقال : (وَما أَكْثَرُ
النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف : ١٠٣] وقال
تعالى : (وَإِنَّ كَثِيراً
مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) [المائدة : ٤٩]
وقال : (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
ساءَ ما يَعْمَلُونَ) [المائدة : ٦٦]
إلى غير ذلك من الآيات. ومدح الأقلين فقال في كتابه المبين : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) وقال : (وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ : ١٣] وقال :
(وَما آمَنَ مَعَهُ
إِلَّا قَلِيلٌ) [هود : ٤٠] إلى
غير ذلك من الآيات.
وأما
السنّة
:
فما روي عن الحارث
بن حوط ، قال لعلي عليهالسلام : أترى يا أمير المؤمنين أنّ أهل الشام مع كثرتهم على الباطل؟
، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّه لملبوس عليك ، إن الحق لا يعرف بالرجال ، وإنما
الرجال يعرفون بالحقّ ، فاعرف الحقّ تعرف أهله قلّوا أم كثروا ، واعرف الباطل تعرف
أهله قلّوا أم كثروا» .
__________________