كثير منها عن إرسال الرّسل. ولا سبيل للمخالف إلى القطع على واحد (١) منها في ذلك. فهذا هو الأصل الأول.
وأما الأصل الثاني : وهو أنّ كلما هذه حاله فإنّ العقل يجوّز حسنه. فالذي يدل على ذلك ما قدمنا من أنّ الحسن هو ما كانت فيه فائدة ، وتعرّى (٢) عن سائر وجوه القبح.
وأما الموضع الثالث ـ وهو في صفة المرسل :
فالمرسل يجب أن يكون من جنس من أرسل إليهم. وقد نبّه الله تعالى على ذلك بقوله : (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) [الإسراء : ٩٥]. ويجب أن يكون في غاية الكمال من العقل والتمييز وحسن الرأي ، وأن لا يكون على صورة منفّرة (٣) ، نحو صورة القردة والخنازير ، ولا يجوز أن يكون أجذم ، ولا أبرص ، ولا أن يكون به سلس البول ، ونحو ذلك مما تقع النّفرة عنه لأجله. ويجوز أن يكون صغير السّن إذا كان كامل العقل نحو عيسى ويحيى (ع).
ويجوز أن يكون أعمى أو أصم (٤) ما لم يتعلق أداء الشريعة بهما. فهذا ما يتعلق من الأوصاف بالخلقة ، ولا يظهر خلاف بين العلماء في اشتراطها. ومن الأوصاف ما يتعلق بشرعه. والذي يجب أن ينفى عنه في ذلك الكتمان ، والنسيان ، والزيادة ، والنقصان ، والخطأ في ذلك ، والتغيير ، والتبديل ، وترك الصبر على العوارض دون الأداء ، وما أشبه ذلك.
__________________
(١) في (ب) و (ج) : على حصول واحد.
(٢) في (ب) و (ج) : ويعرى.
(٣) في (ب) : منفردة ، وصوّبها في الهامش على ما في الأصل.
(٤) في (ب) : أعمى وأصم. والظاهر ما في الأصل.