أنّ القدرة على خلاف المعلوم لا تصح. والجواب أن الأجل هو الوقت المضروب لحدوث أمر في المستقبل على ما تقدم ، وإن كان قد غلب من جهة الاستعمال على أوقات الحياة والموت ؛ فإذا صحّ ذلك فكلّ وقت علم الله تعالى أن العبد يموت فيه أو أخبر بذلك ، أو حكم فيه بالموت ـ فقد جعله أجلا لموته ، ولا يجوز أن يتقدّم موته ذلك الوقت ولا يتأخر عنه ، لا لأنه لا يقدر على خلافه من حيث علم أن ذلك لا يقع ؛ إذ هو تعالى قادر على خلاف ما علمه ؛ فإنه تعالى قادر على أنه (١) يقيم القيامة الآن ، مع علمه بأنه لا يقيمها الآن (٢). والواحد منّا قادر على أن يعاقب عبده مع عفوه عنه وإضرابه عن عقابه ، فلو لم يكن قادرا على عقابه مع عفوه لما حسن مدحه على العفو ، فقد قدر على خلاف ما علمه الله تعالى ؛ فإنه قد علم أنه يعفو مع قدرته على العقاب لعبده وهذا واضح.
ومما يلزم الشيخ أبا الهذيل على (٣) هذه المقالة ـ وهي أن المقتول لو لم يقتل لمات لا محالة. ويلزم أيضا من وافقه فيها من المعتزلة والحشوية أمران : أحدهما سقوط القصاص ؛ إذ المقتول لو لم يقتل لمات لا محالة على قولهم. كما أن القصاص يسقط عمن قتل بأمر الله ، أو بإباحته ، وكذلك الإثم.
والثاني سقوط الضمان فيكون من ذبح مواشي الغير بغير إذن مالكها ، ولا بإباحة الشرع ـ لا يلزمه ضمانها ؛ بل يكون منعما على مالكها بذبحها ؛ لأنه لو لا ذبحه لها لماتت ولما انتفع بها ؛ لكونها ميتة ؛ فكان على هذا القول يجب شكره على المالك على صنيعه إليه. وعلى قول الحشوية أيضا لمثل ما ذكرناه.
__________________
(١) في (ب) : أن.
(٢) في (ب) : مع علمه أنه لا يقع الآن.
(٣) في (ب) : عن