الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) ، [الأعراف : ١٣٠]. وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ المؤمن إذا أصابه السّقم ثم عافاه الله كان كفارة لما مضى من ذنوبه ، وموعظة فيما يستقبل. وإنّ المنافق إذا مرض ثم عوفي منه كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه ، فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه»؟ (١).
فثبت أنّ ذلك إنما يفعل للاعتبار. ويدل على ثبوته قول الله سبحانه وتعالى : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) ، [التوبة : ١٢٦].
والفتنة وإن كانت مستعملة في عشرة معان (٢) : أحدها الامتحان ، نحو ما ذكرناه ، ومثل قول الله سبحانه : (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ، [العنكبوت : ١ ، ٢] أي يمتحنون. ومثله قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) ، [الأعراف : ١٥٥] أي محنتك. وثانيها الشّرك ، ومنه قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ، [البقرة : ١٩٣] أي شرك. ونحو ذلك. وثالثها القتل ، نحو قوله تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، [النساء : ١٠١] ، أي يقتلوكم وقوله تعالى : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ) [يونس : ٨٣] ـ أي أن يقتلهم. ورابعها بمعنى الضلال. ومنه قوله : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ* إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) ، [الصافّات : ١٦٢ ، ١٦٣] أي مضلّين ونحو ذلك. وخامسها بمعنى المعذرة.
ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الأنعام : ٢٣] معناه معذرتهم (إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣]. وسادسها
__________________
(١) أخرجه أبو طالب في أماليه ص ٤٢٦. وأبو داود في سننه ٣ / ٤٦٩ رقم ٣٠٨٩.
(٢) ينظر في معانيها عمدة الحفاظ ٣ / ٢٤١.