كلّف ؛ لما بيناه من وجوب (١) اعتبار التمكين. ومنها أن يكون له شهوة في القبيح وفيما الأولى أن لا يفعل ، وما يجري مجرى الشهوة. وأن يكون له نفار عن الواجب ، أو ما الأولى أن يفعله ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما شق عليه الإقدام والإحجام. ومن حقّ التكليف حصول المشقة. وقد تقوم الشبهة مقام الشهوة في ذلك ، فإن عبادة النصارى للصليب وإن لم يتعلق به شهوة ، فقد تعلقت به شبهة وهي مترتبة على الشهوة ، فإن النصراني لو لم يتصور في العاقبة وصوله إلى ما يشتهيه لم تصح (٢) أن تدعوه الشبهة إلى هذه العبادة.
ومنها أن يكون المكلف ذا أبعاض وجوارح يلحقها اختلال ، ووهى (٣) بالأفعال التي يكلّف فعلها لتناله المشقة بسبب ذلك. ومنها ما يجب تقدّمه ومقارنته وهو أمور : منها أن يكون المكلف عاقلا ؛ لأنه لو لم يكن عاقلا لم يكن عالما بأحكام الأفعال ، ومتى لم يكن عالما لم يكن مكلفا ؛ إذ التكليف بما لا يعلم قبيح ، وهو تعالى لا يفعله. ومنها أن يكون عالما بصفة ما كلّف (٤) وبكيفية إيقاعه على الوجه الذي كلّف إيقاعه عليه ؛ لأنا قد بينا أن التكليف هو الإعلام بما ذكرناه ، فمتى لم يكن عالما بصفة ما كلّف (٥) وبكيفية إيقاعه على الوجه الذي كلّف لم يصح منه إيقاعه كذلك. ولو لم يصح منه إيقاعه على ما كلّف لم يتعلق به الثواب ؛ فينتقض الغرض بالتكليف. ومنها اشتراط الآلات التي تكون وصلة إلى الفعل ومحلّا له : نحو اللسان في الكلام والرّجل
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : وجوه.
(٢) في (ب) : لم يصح أن يدعوه. وفي (ج) : لم يصح أن تدعوه.
(٣) في (ب). و (ج) : اختلال وهي.
(٤) في (ب) كلف به. ظ.
(٥) في (ب) كلف به.