أحدهما ، والمضرّة هي الغمّ والألم وما أدى إليهما أو إلى أحدهما ، واللّذة والسرور والغم والألم لا تجوز إلّا على من كان مشتهيا أو نافرا ؛ لأنّ اللّذة تستعمل في معنيين : ـ
أحدهما : إدراك الشيء مع اقتران الشهوة به ؛ كإدراك أحدنا للقمة العسل. والثاني : المعنى الحادث المدرك بمحل الحياة في محل الحياة مع اقتران الشهوة به ، نحو ما يحصل مع الجرب عند حكّه للجرب الذي فيه.
والألم يستعمل في معنيين ـ أحدهما : إدراك الشيء مع اقتران النّفرة به ؛ كإدراك أحدنا للقمة الحنظل والصّبر. والثاني : المعنى الحادث المدرك بمحل الحياة في محل الحياة مع اقتران النّفرة به ، نحو ما يحصل مع الجرب عقيب حكّ (١) الجرب الذي فيه من الألم. فإذا كانت اللذة والسرور والغم والألم لا تجوز إلا على من كان مشتهيا أو نافرا فيلتذّ بإدراك ما يشتهيه ويستر به ، ويتألم بإدراك ما ينفر عنه ويغتم به. فإن الشهوة والنّفار لا يجوزان إلا على من جازت عليه الزيادة والنّقصان. والزيادة والنقصان مستحيلان على الله تعالى في كل حال من الأحوال ، وإذا استحالت عليه الشهوة والنّفار في كل حال استحالت عليه الحاجة في كل حال ، وإذا استحالت عليه الحاجة في كل حال ثبت أنه غنيّ في جميع الأحوال عن كل حسن وقبيح من الأفعال.
وممّا يؤكّد ذلك من جهة السّمع
قول الله تعالى : (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) [محمد ٣٨] ، وقوله : (وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [التغابن ٦] ، إلى غير ذلك.
__________________
(١) في بقية النسخ : حكه للجرب.