وقال الغنوي (١) :
فإذا رأيت المرء يشعب (٢) أمره |
|
شعب العصا ويلجّ في العصيان |
فاعمد لما يعلو فمالك بالذي |
|
لا تستطيع من الأمور يدان |
يعني بقوة. والمعنى في ذلك : أنه أمره بأن يتكلف من الأمور ما يطيق.
[العين في القرآن]
ومن جملة ما تعلقوا به آيات العين نحو قوله تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) [القمر : ١٤] قالوا : فدل على أن له أعينا ، وذلك يدل على الأعضاء (٣).
والجواب عن ذلك من وجوه ثلاثة : أحدها : أنه لا يصح الاستدلال بالسمع في إثبات التجسيم ، ما لم يعلم كونه عدلا حكيما ، كما تقدم تفصيل ذلك. والثاني : أنا نعارضهم بما تقدم من أدلة العقول وأدلة السمع المحكمة. والثالث : أن نبين معنى هذه الآية وما شابهها من الآيات المتشابهة فنبطل ما ذهبوا إليه ، وقد ذكرنا في كتاب الإرشاد أن لفظة العين تنصرف في اللغة على ثلاثة عشر معنى (٤) ، فلنذكر ما يوافق الآية منها دون ما عداه إذ قد أبطلنا عند تعديدها أن يكون المراد بذكر العين في كتاب الله تعالى أو ذكر الأعين شيئا مما توهّم المخالف. فقوله تعالى : (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ* تَجْرِي
__________________
(١) هو طفيل بن عوف بن كعب الغنوي شاعر جاهلي من قيس غيلان كان شجاعا ت ١٣ قبل الهجرة. الأعلام ٣ / ٢٢٨.
(٢) يشعب : يتفرق.
(٣) ينظر الإبانة للأشعري ص ١٢٠. وابن خزيمة ص ٤٢. وأقاويل الثقات ص ١٤٥ ، يقولون : له عين بلا كيف ، ووجه ويد بلا كيف.
(٤) تطلق العين على : الجارحة ، والإنسان ، والجاسوس ، وجريان الماء ، والجماعة ، والحاضر من كل شيء ، وخيار الشيء ، والدينار ، والذهب ، وذات الشيء ، والربا ، والشمس ، والسحاب. وله معان أخرى كثيرة. ينظر تاج العروس ١٨ / ٢٠٤. والقاموس ص ١٥٧٢.