كريم» : إذا كان مرضيا في فوائده ومعانيه. و «النبات الكريم» : هو المرضي في منافعه مما يأكل الناس والأنعام (١) يقال : نخلة كريمة : [إذا طاب حملها ، وناقة كريمة](٢) : إذا كثر (٣) لبنها. قال الشعبي : الناس مثل نبات الأرض ، فمن دخل الجنة فهو كريم ، ومن دخل النار فهو لئيم (٤).
قوله : (كَمْ أَنْبَتْنا). «كم» (٥) للتكثير ، فهي خبرية ، وهي منصوبة بما بعدها على المفعول به ، أي : كثيرا من الأزواج أنبتنا ، و (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) تمييز (٦).
وجوز أبو البقاأ أن تكون حالا (٧). ولا معنى له. قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى الجمع بين «كم» و «كل» ولو قيل : أنبتنا فيها من زوج كريم (٨). قلت : قد دل «كل» على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل ، و «كم» على أن هذا المحيط متكاثر مفرط في الكثرة (٩).
قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي ذكرت «لآية» دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي وقوله : «للمؤمنين» كقوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢] لأنهم المنتفعون بذلك ، (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) : مصدقين ، أي : سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون.
وقال سيبويه : (كان) هنا صلة ، مجازه : وما أكثرهم (١٠) مؤمنين (١١). (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) وإنما قدم ذكر «العزيز» على ذكر «الرحيم» لأنه لو لم يقدمه لكان ربما قيل : إنه رحيم لعجزه عن عقوبتهم ، فأزال هذا الوهم بذكر «العزيز» وهو الغالب القاهر ، ومع ذلك فإنه رحيم بعباده ، فإن الرحمة إذا كانت عن القدرة الكاملة كانت أعظم وقعا (١٢). فإن قيل : حين ذكر الأزواج دل عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة ، وكان لا يحصيها إلا عالم الغيب ، فكيف قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً)؟ وهلا قال : لآيات؟. فالجواب من وجهين :
أحدهما : أن يكون ذلك مشارا به إلى مصدر «أنبتنا» فكأنه قال : إن في ذلك الإنبات لآية.
والثاني : أن يراد : إن في كل واحد من تلك الأزواج لآية (١٣).
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٠.
(٢) ما بين القوسين مكرر في الأصل.
(٣) في ب : كبر. وهو تحريف.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٢٠٧ القرطبي ١٣ / ٩١.
(٥) في ب : لم. وهو تحريف.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩٩٤.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٩٤.
(٨) في النسختين : من كل زوج. والتصويب من الكشاف.
(٩) الكشاف ٣ / ١٠٨.
(١٠) في ب : وما كان أكثرهم.
(١١) أي : أن (كان) زائدة بين (ما) ، و (أفعل). قال سيبويه : (وتقول : ما كان أحسن زيدا. فتذكر (كان) لتدل أنه فيما مضى) الكتاب ١ / ٧٣.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٠.
(١٣) المرجع السابق.