المحادثة مع الرجال فقال : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أي تلنّ القول للرجال ولا ترفضن الكلام (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) أي فسق وفجور وشهوة ، وقيل : نفاق أي لا تقولن قولا يجد منافق أو فاجر به سبيلا إلى المطامع (١) فيكنّ والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الأطماع(٢)(وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي ذكر الله (٣) وما تحتجن إليه من الكلام مما يوجب الدين والإسلام بتصريح أو بيان من غير خضوع.
قوله : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) قرأ نافع وعاصم بفتح القاف والباقون بكسرها (٤) ، فأما الفتح فمن وجهين :
أحدهما : أنه أمر من قررت ـ بكسر الراء الأولى ـ في المكان أقرّ به ـ بالفتح ـ فاجتمع راءان في : «اقررن» فحذفت الثانية تخفيفا ، ونقلت حركة الراء الأولى إلى القاف فحذفت همزة الوصل استغناء عنها فصار «قرن» على وزن (٥) «فعن» فإن المحذوف هو اللام لأنه حصل به الثقل ، وقيل : المحذوف الراء الأولى لأنه لما نقلت حركتها بقيت ساكنة وبعدها أخرى ساكنة فحذفت الأولى لالتقاء الساكنين ، ووزنه على هذا «فلن» فإن المحذوف هو العين (٦) ، وقال أبو علي : أبدلت الراء الأولى ياء ونقلت حركتها إلى القاف ، فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما (٧) ، فهذه ثلاثة أوجه في توجيه أنها أمر من «قررت بالمكان».
والوجه الثاني : أنها أمر من «قار ـ يقار» كخاف يخاف إذا اجتمع ، ومنه «القارة» (٨) لاجتماعها ، فحذفت العين لالتقاء الساكنين ، فقيل : «قرن» «كخفن» ووزنه على هذا أيضا : فلن ، إلا أن بعضهم تكلم في هذه القراءة من وجهين :
__________________
(١) في «ب» إلى الطامع.
(٢) نقله الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في تفسيره المسمى زاد المسير ٦ / ٣٧٩.
(٣) وقد فسره ابن عباس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انظر : القرطبي ١٤ / ١٧٨.
(٤) ذكرها في الإتحاف ٣٥٥ والسبعة ٥٢١ و ٢٢٢ وإبراز المعاني ٤٦٩ وانظر أيضا القرطبي ١٤ / ١٧٨ وزاد المسير ٦ / ٣٧٩ والكشف ٢ / ١٩٧ والتبيان ١٠٥٦.
(٥) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ٣٥٠ والتبيان ١٠٥٧ وانظر البيان ٢ / ٣٦٨ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ١٩٦ والدر المصون ٤ / ٣٨٥ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٤٢ وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ٣١٣ ومعاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج ٤ / ٢٢٥ واللسان «ق ر ر» ٣٥٧٩ و ٣٥٨٠ وهذه القراءة جاءت في مراجع جمة وقد ذكرت ما فيه الكفاية من المراجع.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) قاله أبو علي في الحجة مع تغيير في النص انظر : الحجة ٦ / ١٥٤ ولم يرتض رأيه أبو حيان حيث قال «وهذا غاية في التحميل كعادته» انظر البحر المحيط ٧ / ٢٣٠.
(٨) يطلق هذا الوصف على قبيلة بعينها وقد سموا كذلك لاجتماعهم والتفافهم اللسان «ق ور» ٣٧٧٢ وقد قاله الزمخشري أيضا في الكشاف ٣ / ٢٦٠ قال : ألا ترى إلى قول عضل والديش اجتمعوا فكونوا قارة الكشاف ٣ / ٢٦٠.