التثنية للعموم ، ويحتمل أن يكون «أحد» بمعنى «واحد» وحذف معطوف ، أي بين أحد وأحد (١) (كما قال (٢) :)
٤٠٨٦ ـ فما كان بين الخير لو جاء سالما |
|
أبو حجر إلا ليال قلائل (٣) |
أي بين الخير وبيني انتهى ، قال شهاب الدين «أما قوله فإنهما مختلفان مدلولا ومادة فمسلّم ، ولكن الزمخشري لم يجعل أحدا الذي أصله واحد ـ بمعنى أحد المختص بالنفي ، ولا يمنع أن «أحدا» الذي أصله «واحد» أن يقع في سياق النفي ، وإنما الفارق بينهما أن الذي همزته أصل لا يستعمل إلا في النفي كأخواته من غريب (٤) ، وكيتع ودابر (٥) ، وتامر (٦) والذي أصله واحد يجوز أن يستعمل إثباتا ونفيا وأيضا المختص بالنفي مختص بالعقلاء ، وهذا لا يختص ، وأما معنى النفي فإنه ظاهر على ما قاله الزمخشري من الحكم على المجموع ولكن المعنى على ما قاله أبو حيان أوضح وإن كان خلاف الظاهر»(٧).
قوله : «إن اتّقيتنّ» في جوابه وجهان :
أحدهما : أنه محذوف لدلالة ما تقدم عليه أي إن اتّقيتنّ الله فلستنّ كأحد ، فالشرط قيد في نفي أن يشبّهن بأحد من النساء (٨).
والثاني : أن جوابه قوله (فَلا تَخْضَعْنَ)(٩) والتقوى على بابها ، وجوز أبو حيان على هذا أن يكون «اتّقى» بمعنى استقبل أي استقبلتن (١٠) أحدا فلا تلنّ له القول ، واتّقى بمعنى استقبل معروف في اللغة ، وأنشد :
__________________
(١) البحر ٧ / ٢٢٨.
(٢) ساقط من «ب».
(٣) البيت من بحر الطويل وهو للنابغة الذبياني ، وأبو حجر كناية عن النعمان بن الحارث وشاهده : حذف الواو ومعطوفها والأصل : بين الخير وبيني فقد حذف الواو مع معطوفها وهذا تقرير لقول أبي حيان الذي أجاز هذا الاحتمال. انظر : البحر المحيط ٧ / ٢٢٩ وابن الناظم بدر الدين على الألفية ٢١٤ وأوضح المسالك لابن هشام ١٩٢ والأشموني ٣ / ١١٦ والتصريح ٢ / ١٥٣ والديوان (١٢٠).
(٤) يقال : ما في الدار غريب في النفي ولا يقال : في الدار غريب لعدم الفائدة وكذا : ما بالدار كيتع ، أي أحد اللسان : «ك ت ع» ٣٨٢٠ وإصلاح المنطق ٣٩١.
(٥) من أقوالهم : ما يعرف قبيله من دبيره ، وفلان ما يدري قبيلا من دبير ، المعنى ما يدري شيئا اللسان : «د ب ر» ١٣١٩.
(٦) قالوا : ما في الدار تامور وتومور ، وما بها تومري أي ليس بها أحد. وقال أبو زيد : ما بها تأمور أي ما بها أحد اللسان «ت م ر» ٤٤٦.
(٧) انظر : الدر المصون ٤ / ٣٨٣ و ٣٨٤.
(٨) قاله السمين في الدر ٤ / ٣٨٤ وقدره ابن الأنباري في البيان انفردتن بخصائص من جملة سائر النساء البيان ٢ / ٢٦٨.
(٩) المرجعان السابقان.
(١٠) البحر المحيط ٧ / ٢٢٩ واستدل بالبيت الأعلى.