بالرفع على الفاعلية (١) بحذف «من». ثم (بين) (٢) سبب (ما) (٣) جرى عليهم فقال : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) أي عن سبيل الحق ، وهو عبادة الله (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) قال مقاتل والكلبي (٤) وقتادة كانوا معجبين (٥) في دينهم وضلالتهم يحسبون أنهم على هدى ، وكانوا على الباطل ، والمعنى أنهم كانوا (٦) عند أنفسهم مستبصرين وقال الفراء (٧) : كانوا عقلاء ذوي بصائر. وقيل : كانوا مستبصرين (٨) بواسطة الرسل ، يعني لم يكن لهم في ذلك عذر لأن الرسل أوضحوا السبل.
قوله : (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) عطف على (عاداً وَثَمُودَ)(٩) أو على مفعول : «فصدهم» ، أو بإضمار (١٠) : اذكروا ، (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) بالدلالات كما قال في عاد وثمود (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) أي بالرسل. (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ) أي عن عبادة الله ، فقوله : (فِي الْأَرْضِ) إشارة إلى قلة عقلهم في استكبارهم ، لأن من في الأرض أضعف (١١) أقسام المكلفين ، ومن في السماء أقواهم ، ثم إن (مَنْ فِي السَّماءِ) لا يستكبرون على الله بالعبادة فكيف (مَنْ فِي الْأَرْضِ) ، (وَما كانُوا سابِقِينَ) أي فائتين من عقابنا.
قوله : (فَكُلًّا) منصوب «بأخذنا» (١٢) و «بذنبه» أي بسببه أو مصاحبا لذنبه ، (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) وهم قوم لوط والحاصب : الريح التي تحمل الحصباء وهي الحصا الصّغار وقيل : كانت حجارة محميّة (١٣) تقع على واحد منهم وتنفذ من (١٤) الجانب الآخر ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) يعني ثمود (١٥)(وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) وهم «قارون» وأصحابه ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) يعني قوم نوح وفرعون وقومه.
وقوله : (مَنْ أَغْرَقْنا) عائده محذوف لأجل سنة الفاصلة ، ثم قال : (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) يعني لم يظلمهم بالهلاك وإنما ظلموا أنفسهم بالإشراك.
قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ
__________________
(١) وهي قراءة شاذة ، انظر : المرجع السابق ٧ / ١٥٢.
(٢) ساقط من «ب».
(٣) ساقط من «ب».
(٤) تقدم.
(٥) انظر : فتح القدير ٤ / ٢٠٢.
(٦) المرجع السابق.
(٧) انظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٧.
(٨) المرجع السابق.
(٩) البيان ٢ / ٢٤٥ والتبيان ١٠٣٣.
(١٠) المراجع السابقة.
(١١) في «ب» أضعاف.
(١٢) التبيان لأبي البقاء ١٠٣٣ ، والدر المصون للسمين ٤ / ٣٠٥.
(١٣) انظر : القرطبي ١٣ / ٣٤٣ وغريب القرآن لابن قتيبة ٣٣٨.
(١٤) انظر : القرطبي ١٣ / ٣٤٤ وفي «ب» يعني وهو الأصح.
(١٥) ساقط من «ب».