الطباطبائي (قدس سره) هو واحد من اُولئك الذين حملوا لواء الفكر والفضيلة ، وأسدوا خدمات جليلة وكبيرة للدين والطائفة ، بحيث كانت ولا زالت محلّ ثناء وإطراء أهل العلم والخبرة.
بل هو أحد الذين فتحوا آفاقاً جديدة نحو كشف الآثار القيّمة والنفيسة التي تفصح عن أصاله مذهب التشيّع وسموّ مبادئه ، وذلك بروح ممزوجة بالكرم والسخاء والوفاء والإخلاص والتواضع والزهد ، فكان عبارة عن عطاء متواصل ومنبع جود لا ينقطع أغنى حقول الثقافة بأتقن النتاجات وأجمل العروض ، ولا عجب في ذلك فإنّ ما كان لله ينمو.
والذي عايش السيّد الطباطبائي لابدّ وأن شاهد تلك الهمّة وذلك الشعور والإحساس بالواجب الشرعي في إحياء ونشر علوم آل محمد (صلى الله عليه وآله) ، فكان يبذل الجهد ويسعى دون أن يستند إلى غير الله سبحانه وتعالى ، فإن كان قد قدّم في حياته هذه الحصيلة الباهرة والباقة والعطرة من الآثار فإنّما قدّمها بالاتّكال على المولى تبارك وتعالى ومن ثم طاقاته ومواهبه الشخصية.
وقد أجاد وبرع (رحمه الله) في شتّى محاور العلم والفضيلة ، سواء على صعيد التأليف ، أو التحقيق ، أو الفهرسة ، أو المتابعة والبحث ، إلاّ أنّه امتاز وتفرّد في الكشف عن الآثار التي تبرز المكانة اللائقة والشأن الشامخ لأهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) ; وكذلك فهرسة تلك المصنّفات وترتيبها وتنظيمها ، وتسلّطه في علم الرجال ومهارته في تفصيل محاوره وأركانه ، وبيان نظرياته ومبانيه.