مثير والوقوف على مناشئها محزنٌ مرير.
رغم ذلك يبقى الصاحب صاحباً والرفيق رفيقاً ويظلّ الحبّ عنواناً باسقاً ومحتوىً ضارباً في عمق الحنايا والوجدان ; إذ القناعة والإيمان والمواقف الغرّ الحسان أشمخ من أن تُنكَر أو يذهب بها النسيان ، بل نصيبها الخلود أنّى طال الزمان وبَعُدَ المكان ; حيث قسم الإناء المليان سرمديٌّ مهما كانت طوارق الحدثان.
ولعلّ هذه شقشقة كان لابدّ لها أن تهدر يوماً ما ; كي تقرّ سريعاً فلا تُطفئ في القلب نوراً ولا تنشر في الجنان عتمةً تلد فتنةً يأنس بها الشيطان ويعزف على أوتارها أنغاماً وألحان.
ولعلّها شكوى مَن يحيا الوحدة بفضاء فيه عشقه وهيامه ، يحيا الغربة بين صحبه ورفاقه ، بين أقرانه واُناسه ، بين قوم طاب له المقام معهم حيث طابوا والرحيل حيث ارتحلوا وساروا ..
إلاّ أنّ النفس إلى اُفق الكرامة ترنو وإلى ألق العزّة تسمو ; فترفض سؤالاً يُذَلُّ به سائلُه ، وتشجب ذالاًّ يأنس بإذلال سائله ، أو عَلِمَ حاجة أخيه المتعفّف لكن منعه عن أدائها إليه ما فيه من الحسّ المستنكف.
نعم ، إذا ضاق الصدر وتوجّع الفؤاد واُثخن القلب بالجراح ، ولاذت الروح بربّها الكريم ، بأوليائها الطاهرين ، بحجّة الله على العالمين ، بأخيارها الصالحين ، بحكمائها العلماء العارفين ، فإنّها عسى ولعلّ أن تُريح وتستريح.