ولا ننسى أنّ البداية بداية الفرد ، بداية الذات الفرد ، ثم الذات الأوسع فالأوسع ، أعني : الاُمّة والإنسانيّة برمّتها.
* * *
للإنصاف والتاريخ نقول : رغم ما حلّ بنا من ظلم وحيف وتهميش وحذف ، مقرونةً بشتّى أساليب التحريف والتضليل والتشويه ضدّنا ، فإنّنا بقينا نتمسّك بعقلانيّتنا وحواريّتنا ، ونرفض الغلو والغنوصيّة ، ودعونا دوماً إلى إعلاء شأن «الدليل» تلقّياً وتجسيداً وترويجاً ، وإن ذهب بعض الضعفاء منّا إلى التشبّث بمسارات خارجة عن نطاق الدليل والعقلانيّة فهذا لا يعني انسحابها على الغالب الأعمّ ، فمنذ الأيّام الاُولى لبزوغ نور الرسالة رفضنا العنف والمواجهات الخشنة وآثرنا التضحيات الجسام حفظاً للدين والقيم والمبادئ ، وتحمّلنا ـ ولا زلنا ـ ألوان الضغط والترويع والإرهاب صوناً للفكر والمعرفة النابضة بمفاهيم السماء ودعونا دوماً إلى الحوار والحلول المنطقيّة للخروج من الأزمات والإشكاليّات والخلافات والصراعات التي نقع بها على طول الطريق.
ولا ندّعي أنّنا منسلخون دوماً عن ذواتنا ـ الخاصّة أو العامّة ـ لكنّنا ـ ولسنا جميعاً ـ نسعى ونبذل الجهد لفعل ذلك ، وطموحنا : تشكّل فضاءات تسير بهذا الاتّجاه ، ولا شكّ أنّها تسهم بشكل فاعل في تخفيف حدّة المشاكل بأنواعها وتؤسّس لقواعد الحوار العلمي المنهجي المؤدّي إلى ارتفاع مؤشّر نقاط التلاقي وانخفاض مؤشّر نقاط الاختلاف.