ولا حتى فهماً واستيعاباً أوّلياً ، ولا نغادر سطوة أنفسنا واستبدادها وتعسّفها ورغباتها ولذائذها ، ونقدّس الجمود إذ يحمينا من التغيير ، ونصطفي الراحة والاسترخاء والتقليد حيث تخلّصنا من عناء العمل والبحث والجدّ ، ونروّج للشعارات الملهبة الحماسيّة حينما تمنحنا غطاء الأخذ بغلاف القيم والمبادئ والأخلاق ...
فلابدّ لنا من الهرب والهيبة والخشية من النقد ، فكيف نسمح لكرامتنا وعزّتنا أن تُنتَقص وتُذلّ وتُحطّ ، وأ نّى لنا أن نرتضي بالذي يفضحنا ويعرّينا ; فليس الهامّ عندنا اُممنا ومجتمعاتنا ولا حتى الهويّة والانتماء ، التي نفاخر بها نفاقاً وكذباً ، بل الهامّ رغباتنا ومنافعنا وكياناتنا الشخصيّة!!
من البعيد جدّاً وفي ظلّ الظروف والمعادلات القائمة حاليّاً أن ندرك بالاستيعاب والممارسة أنّ النقد ـ كما أشرنا لبعض نماذج معانيه ـ يعني النموّ والازدهار ومواصلة الحياة وبثّ الأمن والاستقرار والعدل والإنصاف وإزالة مظاهر الظلم والتخلّف المعرفي والقيَمي والأخلاقي ; وأنّ به يزداد الحبّ وتأفل الكراهيّة ويعمّ الناس الأمل ويكبر الطموح بفرص أفضل وأرقى .. ذلك بعيدٌ جدّاً ما لم نغيّر ما بأنفسنا.
(إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).