زاهدين في عطاء الآخرين وإنجازاتهم ; فما عادت عيوننا تبصر إلاّ
ذاتها وما حواليها ، بل حتى ما حواليها تتحكّم فيه بعض الشروط والخصائص المستقاة غالباً من واقع الرغبة الخاصّة التي تأخذ به إلى أروقة الاهتمام والعناية بلا خضوع حقيقي لمراحل البحث والمطالعة والتحقيق ولوازمها.
وهذا ما جعلنا دون مستوى الطموح والانتظار ، بل لأجل مناغمة الرأي العامّ عمدنا إلى إكثار الأسماء والعناوين سعياً منّا إلى استخدام «منهج تحريك الجمهور» ولا شكّ أنّها سياسة انفعاليّة سرعان ما تهدأ كزوبعة الفنجان. نعم ، محطّاتنا ونقاطنا كثيرة جدّاً لكنّها هل تؤدّي الأداء المطلوب ، وهل هي الراجحة على ما سواها من مشاريع وأفكار نظيرة أو اُخرى اُهمِلت ولازالت تُهَمل؟
إنّنا طبق النسق الجاري والمظاهر الحاكمة لا يمكننا البقاء طويلاً ونحن نسير بلا تعامل جدّي مع الجوهر والأصل والعمق ; حيث المحكوم على نسقنا أنّه بالشعارات والظاهر والقشور والنماذج الاستعراضيّة.
يجب أن نراجع ـ على الدوام ـ ما نحن فيه وعليه ، ونقرأ الاُمور قراءةً أوسع وأشمل وأدقّ وأعمق ، ونستقرئ ، ونقارن ، ونستقصي ، ونحلّل ، ونحفر ، ونبعثر ، ونتمسّح ; لنحصل على نتائج ترسم لنا نهجاً ونسقاً علميّاً يقودنا إلى النموّ الحقيقي والفلاح المعهود. وبدون ذلك فلا نخدع إلاّ ذواتنا أوّلاً وآخراً.