هناك .. هناك ، لا ضحك على الذقون ، فلا خفاء ولا إخفاء ولا ظاهر ولا باطن ، كشفٌ ليس بعده كشف ، وحقائق ما فوقها حقائق ، وبمجرّد التفكير بهذا الأمر يصاب الإنسان برهبة وخوف وذهول.
أعتقد أنّ فضاءنا فضاء خير وصلاح ، أي الأصل فيه هكذا ; لدلائل وشواهد وقرائن عدّة ، لكنّ المتغيّرات والمستجدّات وقوّة الرغبات الذاتيّة فرضت واقعاً مختلطاً ، اختلط السليم بالسقيم ، هذا السقيم القوي الذي ما استطاع فضاؤنا صدّه والتغلّب عليه ، فغدا جزءاً شاخصاً جليّاً من أجزاء حياتنا التي سبّبت متاعب وتراجعات وهجمات لاذعة وانتقادات حادّة تزداد شدّةً يوماً بعد آخر ، بل جعلنا في عيون الناس وعقول الكثير من النخب كتلة غلبت عليها مظاهر الحياة ورغبات الذات ، فعادوا لا يعيرون أهمّيةً أو لا يرون بوضوح ما نمنح الوسط الديني والاجتماعي والثقافي من عطاءات وإنجازات.
إنّنا يجب أن نكون حيث ينبغي أن نكون : ظاهرنا يعبّر عن باطننا ، تأخذنا القيم والمبادئ والشريعة إلى ما تريد لا أن نسوقها إلى ما نرغب ونهوى ونريد .. ملاكنا رصد السماء لا رصد الأرض ، عيون السماء لا عيون الأرض. فهل نحن كذلك يا ترى؟ قبل الإجابة لابدّ أن نتذكّر أنّنا إن حاولنا الاشتغال بالتورية ونظائرها فلا يمكننا تمرير توجيهاتنا وتعليلاتنا على السماء وقوانينها الدقيقة العادلة.
والمؤسف فينا أنّنا صرنا نرى في نتاجنا أنّه الأرقى والأفضل ،