وقد اهتم القرآن والحديث عن النبي «صلى الله عليه وآله» وعن المعصومين من أهل بيته الطاهرين «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» كثيرا في التركيز على الدور الطليعي والرائد للعقل وللفكر ، وللنظر وللتدبر ، وذم التقليد والانقياد الأعمى ، ولا نرى حاجة لإيراد الشواهد على ذلك ؛ فإن ذلك أظهر من النار على المنار ، وأجلى من الشمس في رابعة النهار.
والعبارة المتقدمة عنه «صلى الله عليه وآله» ليست إلا واحدا من الشواهد الكثيرة على اهتمام النبي «صلى الله عليه وآله» بإثارة دفائن العقول ، وتحريكها نحو الفهم والفكر ، والتعقل والتدبر ، ليصبح التعبد والانقياد مرتكزا على أساسه القوي المتين ، ومستندا إلى ركنه الشديد الوثيق.
ويشبه ما نقرؤه عن النبي «صلى الله عليه وآله» هنا ما نقرؤه عن سبطه ووصيه ووارثه الإمام الرضا «عليه السلام» ، حينما سأله الحسين بن خالد عن نقش خاتم جده أمير المؤمنين علي «عليه السلام» فقال له : «ولم لم تسألني عما كان قبله»؟!
ثم يذكر له خواتيم الأنبياء السابقين «عليهم الصلاة والسلام» (١).
وفي مورد آخر ، نجد الأصبغ بن نباتة يروي عن علي أمير المؤمنين «عليه السلام» ، أنه قال : «ما من شيء تطلبونه إلا وهو في القرآن ؛ فمن أراد ذلك ؛ فليسألني عنه» (٢).
نعم ، وقد أثرت هذه التربية الإلهية في شيعة أهل البيت «عليهم
__________________
(١) راجع : نقش الخواتيم لدى الأئمة الاثني عشر ص ١٠ و ١١ للمؤلف.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٤٥٧ والوسائل ج ١٨ ص ١٣٥.