وقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(١). والآيات الآمرة بهذه الإطاعة كثيرة.
وبين أن يبقى العقل والفكر طليقا يمارس حقه الطبيعي في التأمل ، والتدبير والاستنتاج ، وإصدار الأحكام ، وفقا للمعايير الصحيحة والسليمة ، التي يقبلها العقل وأقرها الشرع حتى إذا ما واجه هذا الإنسان أحيانا مشكلة على مستوى الفهم والنظر والتأمل ، فإن عليه أن يبحث ، ومن حقه أن يسأل ويستوضح.
ذلك : أن التسليم والتعبد والانقياد لا يتنافى مع هذا الفكر والعقل والفهم ، والإدراك الوجداني. وإنما هو ملازم له ، وبحاجة إليه في نظر الإسلام.
فالإسلام لا يريد لهذا الإنسان أن يعيش حالة الكبت والقهر ، وسلب الاختيار ثم الجمود ، ليكون ـ من ثم ـ آلة بلهاء ، لا حياة فيها ، ولا حركة. وإنما يريده حرا ، مختارا طليقا ، يزخر بالحيوية ، ويجيش بالحركة والتطلع والتوثب ، يتفاعل مع ما يحيط به ، ويعي ما يدور حوله ، ويفهمه ، ويعيشه بروحه ، وعقله ، وبوجدانه ، وعاطفته ، وبكل وجوده.
وذلك من أجل أن يجد السبيل إلى أن يتكامل به ومعه ، ويستوعب خصائصه الإنسانية ولينسجم ـ من ثم ـ مع نفسه ، وفكره ، ومع وجدانه وفطرته.
والإسلام يرى في الفكر والعقل ، وفي الفطرة أيضا خير نصير ومعين له في مجال تحقيق أهدافه ، حيث إن ذلك يسهم في تجلي عظمته ، ويظهر مزاياه الفريدة ، وخصائصه الكريمة والمجيدة.
__________________
(١) الآية ٥٩ من سورة النساء.