وقد ذكرنا بعض ما يرتبط بهذا الموضوع الخطر والهام في كتابنا : (الحياة السياسية للإمام الحسن «عليه السلام») في عهد الرسول والخلفاء الثلاثة بعده ، فليراجعه من أراد.
اللعن رفض وإدانة :
وسواء ثبت لدينا : أن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قد لعن رعلا وذكوانا ، وبني لحيان ، ومضر الخ .. أم لا ، فإن لعنه لبعض الناس ثابت لا ريب فيه.
وليس ذلك لأجل أن اللعن سلاح العاجز ، الذي لا يجد حيلة للتعبير عن مشاعره الثائرة إلا ذلك ، إذ إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن لينطلق في مواقفه كلها من حالة انفعالية طاغية ، ومن اندفاع عاطفي غير مسؤول ، بهدف التنفيس عن حقد دفين ، وانسياقا مع انفعالات طائشة.
وإنما يريد «صلى الله عليه وآله» أن يلقن الناس جميعا عن طريق الشعور واللاشعور ويؤدبهم ، ويعلمهم : أن الاعتداء على الأبرياء ، والغدر ، والخيانة ، ونقض المواثيق والذمم ، وكذلك جميع أشكال الانحراف وأنحائه ،
إن كل ذلك مرفوض جملة وتفصيلا ، ولا بد من تربية الوجدان على الإحساس بقبحه ورذالته ليصبح النفور منه ، والابتعاد عنه بصورة عفوية حالة طبيعية ، وواقعية ذات جذور ممتدة في أعماق الإنسان ، وفي صميم ذاته.
ولا بد من الإعلان بإدانة الانحراف ، انطلاقا من المثل والقيم الإلهية ، بأسلوب اللعن ، الذي هو طلب البعد عن ساحة القدس الإلهي.
فاللعن إذا : أسلوب تربوي بناء ، وليس موقفا سلبيا عاجزا ولا مهينا.