ويكفي في ردها حديث كتاب المفاداة المتقدم ، بالإضافة إلى النصوص الآنفة الذكر ، إلى جانب النصوص الأخرى ، التي تدّعي : أنه قد أعانه الصحابة ورسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى أدى ما عليه من مال الكتابة ، وإن كان سيتضح أنها غير خالية عن المناقشة.
لماذا يكذبون؟
ولعل أهمية سلمان ، وعظمته وجلالته في المسلمين ، قد جعلت البعض يرغبون في أن يجعلوا للشخصيات التي يحترمونها ، ويهتمون في حشد الفضائل لها ، نصيبا في هذا الرجل الفذ ، وفضلا لها عليه ، حتى ولو كان ذلك على حساب كرامات وفضائل رسول الله «صلى الله عليه وآله» نفسه ، فإن الإغارة على بعض فضائله وكراماته «صلى الله عليه وآله» ، ونسبتها إلى غيره ، لا تنقص من شأنه ـ بزعمهم ـ شيئا ، إذ يكفيه شرفا : أنه النبي الهادي لهذه الأمة ، وأنه رسول الله «صلى الله عليه وآله».
كما أن ذلك يمكن أن يكون ردة فعل على تلك الرواية التي لا يجدون دليلا ملموسا على ردها وتكذيبها ، والتي تقول :
إنه أسلم في مكة ، وحسن إسلامه ، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» شاوره ـ امتحانا له ـ فيمن يبدأ بدعوته في مكة ، فجال سلمان في أهل مكة يخبرهم ، ويشيرهم ، ويجتمع مع النبي «صلى الله عليه وآله» وأبي طالب لهذا الغرض ، ثم أشار بدعوة أبي بكر ؛ لأنه معروف بين العرب بتعبير الأحلام ، وهم يرون فيه ضربا من علم الغيب ، مع معرفته بتواريخ العرب وأنسابها بالإضافة إلى أنه معلم للصبيان ، ويطيعه ويجله من أخذ عنه من فتيانهم ،