فقال لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» : ارجعوا ، فأينما تكونوا فأنتم من المهاجرين. فرجعوا إلى بلادهم (١).
ونقول : إننا نسجل هنا ما يلي :
١ ـ إن اعتبار النبي «صلى الله عليه وآله» هؤلاء من المهاجرين أينما كانوا وحيثما وجدوا يشير إلى :
ألف : إن المهاجر لا ينحصر بمن قدم من مكة إلى المدينة ، بل يعم كل من هاجر من بلاده إلى الله ورسوله ، كما أشارت إليه الآية بل الآيات القرآنية.
إذا : فلا يحق لأهل مكة أن يعتبروا أنفسهم «المهاجرين» دون غيرهم.
فالامتيازات التي حاولوا أن يختصوا بها لأنفسهم دون غيرهم على هذا الأساس تصبح بلا مبرر مهما كان ضعيفا وغير معقول.
ب : إن اعتبارهم من قبل النبي «صلى الله عليه وآله» مهاجرين ، حتى مع بقائهم في بلادهم هو بدوره أيضا توضيح ومعيار آخر لمفهوم المهاجر الذي يعترف به الإسلام ويتعامل على أساسه.
ج : إننا نلاحظ : أنه «صلى الله عليه وآله» قد ركز على كونهم من المهاجرين ، ولم يعتبرهم من الأنصار ، ولا ندري إن كان ذلك منه «صلى الله عليه وآله» وهو الذي كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق إلماحة إلى سياسة الاستئثار والتجني التي سوف ينتهجها الحكام تجاه الأنصار ، لصالح المهاجرين ، وهو بذلك يبذل محاولة لإعطاء المبررات المنطقية لإدانة تلك
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٧٠.