ويكون همهم به
بمنزلة العدم من حيث إنه من قبيل الهم بالمستحيل.
فيصح
القول : بأنهم لم يهموا
بذلك تنزيلا له بمنزلة العدم .. بسبب استحالة تحقق مقتضاه ، لأجل فضل الله على رسوله
«صلى الله عليه وآله».
٣ ـ إن نفس الآية
الأنفة الذكر تدل على : أنهم حتى لو أنهم حاولوا إضلال النبي «صلى الله عليه وآله»
في هذا ، فإنهم سوف يفشلون في ذلك قطعا وسوف لن يؤثر ذلك في النبي «صلى الله عليه
وآله» ، وذلك لقوله تعالى : (وَما يُضِلُّونَ
إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) فإنه بقرينة قوله بعده : (وَما يَضُرُّونَكَ
مِنْ شَيْءٍ) ، يفيد : أن إضلال هؤلاء لا يتعدى أنفسهم ولا يتجاوزهم
إليك.
ويفيد
: نفي إضرارهم
بالنبي «صلى الله عليه وآله» نفيا مطلقا ، وذلك بسبب أن الله قد : (أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ
وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ).
فنفس
هذه الآية تفيد : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يرتكب ذنبا في حق أحد يجب أن يستغفر الله منه.
وبعد كل ما تقدم
فإن الظاهر هو : أن الآية الشريفة : (وَلا تَكُنْ
لِلْخائِنِينَ خَصِيماً* وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً*
وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) ،
إن كل ذلك لا بد
أن يكون واردا مورد التأديب والتعليم له ولأمته في أن لا يبادروا بالخصام إلا بعد
تبيّن الحق لهم ، وليس يريد إثبات أنه «صلى الله عليه وآله» قد خاصم فعلا عن الخائنين
وجادل عنهم ، فأذنب بذلك ، فوجب أن يستغفر الله سبحانه ، فإن ذلك ليس مرادا قطعا ؛
وذلك لما قدمناه