٢ ـ إن قوله تعالى
في بقية هذه الآيات التي يقال : إنها نزلت في هذه المناسبة : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ
وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا
أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ
وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ
عَظِيماً).
ثم قوله : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ).
وكذا قوله : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ
الْقَوْلِ).
إن
هذه الآيات تفيد : أنهم كانوا قد تناجوا في هذا الأمر ، وبيّتوا ما لا يرضي الله من القول ،
بهدف الذب عن صاحبهم ، وإبعاد الشبهة عنه. ولكن لم يصل ذلك إلى درجة إقدامهم على
تضليل النبي «صلى الله عليه وآله» ، فلم يقدموا على ذلك أصلا بصريح الآية التي
تقول : (وَلَوْ لا فَضْلُ
اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) ، فقد دلت الآية : على أنهم لم يهموا بإضلال النبي «صلى
الله عليه وآله» ، لا أنهم هموا بذلك وفعلوه ووقع النبي «صلى الله عليه وآله»
والعياذ بالله في حبائل مكرهم ، وهمّ بمعاقبة السارق ، أو بقطع يده ، أو أنه برأه
على رؤوس الأشهاد ، وجبه قتادة جبها شديدا!!
وبتعبير
أوضح : إن هؤلاء الناس
قد يحاولون إضلال النبي «صلى الله عليه وآله» ، زاعمين : أن ذلك ممكن لهم ..
ولكن بما أن هذا
الأمر يستحيل حصوله .. فلا يصل سعيهم إلى نتيجة ،
__________________