تغمده الله تعالى برحمته ومن غير ذلك مما حصله بالمطالعة واستفاده بالمراجعة ، وكذا غير الشرح المذكور من سائر علوم الحديث وأن يدرس في معاني الحديث كل كتاب قرىء لديه وتقييد ما يعلمه من ذلك إذا قرأه هو وسمع عليه ، وأسأله أن لا ينساني من صالح دعواته في مجالس الحديث النبوي إلى آخر كلامه.
وقد لقيته بحلب وسمع بقراءتي وسمعت بقراءته ، بل كتبت عنه من نظمه سوى ما تقدم ما أثبته في موضع آخر ، وزاد اغتباطه بي وبالغ في الإطراء لفظا وخطا. وكانت كتبه بعد ذلك ترد عليّ بالاستمرار على المحبة وفي بعضها الوصف لشيخنا.
وكان خيرا شهما مبجلا في ناحيته منعزلا عن بني الدنيا قانعا باليسير محبا للانجماع كثير التواضع والاستئناس بالغرباء والإكرام لهم ، شديد التخيل طارحا للتكلف ذا فضيلة تامة وذكاء مفرط واستحضار جيد خصوصا لمحافيظه وحرص على صون كتب والده قبل أن يمكن أحدا منها ، بل حسم المادة في ذلك عن كل أحد حتى لا يتوهم بعض أهل بلده اختصاصه بذلك ، وربما أراها بعض من يثق به بحضرته ومسه مزيد الأذى من بعض طلبة والده وصرح فيه بما لا يليق ولم يرع حق أبيه ، ولكن لم يؤثر ذلك في وجاهته.
قال البقاعي : وله حافظة عظيمة وملكة في تنميق الكلام وتأديته على الوجه المستظرف قوية ، مع جودة الذهن وسرعة الجواب والقدرة على استخراج ما في ضميره ، يذاكر بكثير من المبهمات وغريب الحديث. قال : وبيننا مودة وصداقة ، وقد تولع بنظم الفنون حتى برع في المواليا وأنشدني من نظمه كثيرا ، وساق منه شيئا. ووصفه في مواضع أخر بالأديب البارع المفنن ، وقد تصدى للتحديث والإقراء وانتفع به جماعة من أهل بلده والقادمين عليها ، بل وكتب مع القدماء في الاستدعاءات من حياة أبيه وهلم جرا.
وترجمه ابن فهد وغيره من أصحابنا ، وكذا وصفه ابن أبي عذيبة في أبيه بالإمام العلامة وسمى بعض تصانيفه.
مات في يوم الخميس خامس عشري ذي القعدة سنة أربع وثمانين بعد أن اختلط يسيرا وحجب عن الناس ودفن عند أبيه.
قال البقاعي : إنه مرض في آخر سنة اثنتين وثمانين ثم عوفي من المرض وحصل له اختلاط