الثانية ، ثم ترقى لنيابة قلعة المسلمين المعروفة بقلعة الروم مرة بعد مرة ، وولي بينهما دوادارية السلطان بحلب وقبلها بعد وفاة النور المعري كتابة سرها ونظر جيشها. وقدم القاهرة فاستعفى عنهما. وأثكل وهو بها ولدا نجيبا اسمه أحمد في طاعون سنة إحدى وثمانين ابن عشرين سنة وترك له طفلا ولد في غيبته عن حلب هو الآن حي ، واستقر في الدوادارية المشار إليها ، ثم عاد إلى نيابة القلعة المذكورة ومات بها في سنة خمس وثمانين وقد جاوز الخمسين ونقل منها إلى تربته التي أنشأها خارج باب المقام من حلب فدفن بها ، وأسند وصيته للأتابك.
وكان يذكر بنظم ونثر وكتابة فائقة ومذاكرة بوقايع وتاريخ ونحو ذلك مع أوصاف ذميمة سيئة عفا الله عنه ا ه.
الكلام على تربة أغلبك :
من الآثار القديمة الهامة تربة أغلبك خارج باب المقام بالقرب من التربة المهمازية المعروفة الآن بجامع المقامات ، ولم يبق منها سوى القبة ، وحولها من أطرافها دور حقيرة ، والجدار الغربي من هذه القبة حسن البناء وحجارته في منتهى الزخرفة أبدع فيه صانعه ما شاء أن يبدع وتخاله حجرا واحدا ، وقد مضت عليه هذه القرون ومحاسنه لا تزال ظاهرة تستلفت الأنظار ، وهو معرب بلسان الحال عما وصل إليه فن البناء من الرقي في ذلك العصر ، ومع هذا فقد داخل بعض أحجاره التشعث. وفي هذا الجدار شباكان كتب عليهما :
(١) البسملة أنشأ هذه التربة المباركة المقر الفخري
(٢) عثمان بن أغلبك الحنفي أعانه الله ونصر به ووقفها
(٣) مدفنا له ولذريته وأقاربه وأرواحهم وعتقائهم
(٤) وذريتهم وكان الفراغ سنة إحدى وثمانين وثمانمائة ا ه.
وتقدم أنه دفن في هذه التربة لكن لا أثر لقبره ثمة.
أقول : تقدم في حوادث سنة ٨٧٨ نقلا عن ابن إياس أن نائب حلب قبض عليه مع جماعة آخرين لنسبتهم للمواطأة مع حسن الطويل ملك العراق وأمر بشنقهم ، ويظهر أن ذلك لم يتم وتخلص المترجم وبقي حيا وتولى بعض المناصب إلى أن توفي في التاريخ المتقدم.