بلبوسهم وسلاحهم وما معهم من رماحهم ونزل إليه فسلم عليه وجلس معه ، فحضرت مآكل الشيخ إبراهيم على رؤوس الحمالين في أربعين زوجا من المطابق النحاس كل زوج أربعة ، وكانت بحلب مصطبة حمالي الأقفص فبطلت ، ثم حضرت مآكل أخرى من تاجر آخر حلبي يعرف بابن الأسود ، فمد السماط وأكل الفريقان والمآكل تنادي هل من آكل. ولما مرض الشيخ إبراهيم عاده خير بك مرات وكان يقول له : أبي ، فلما توفي حضر جنازته وحمل سريره ثلاث مرات ومشى معه إلى تربته. وكانت وفاته بين سنة عشرين وسنة اثنتين وعشرين.
٦٨٨ ـ القاضي سري الدين أحمد بن محمد النحريري المالكي
المتوفى سنة ٩٢١
أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله قاضي القضاة سري الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين ابن قاضي القضاة جمال الدين ، النحريري الأصل الحلبي المالكي هو وأبوه وجداه.
وجده الجمالي هو الذي كان قد قام مع قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن أبي الرضى الشافعي وهما قاضيا حلب على الملك الظاهر برقوق الجركسي لما خرج عليه يلبغا الناصري وسجنه ، وصار ابن أبي الرضى يفتي بأنه من المفسدين العصاة الخارجين ، فإن سلطنته ما صادفت محلا إلى أن خرج من السجن وتسلطن ثانيا فقتله ، ثم جاء مرسومه بإمساك الجمال فأحس به فهرب إلى بغداد ، ثم كان بتبريز ، ثم تحول إلى حصن كيفا فأكرمه صاحبها فأقام عنده ، ثم حج ، ثم رجع قاصدا إليه فمات بسرمين من أعمال حلب سنة سبع وثمانمائة.
وكان كما قال ابن خطيب الناصرية من أعيان الحلبيين ، إماما فاضلا فقيها يحب العلم وأهله.
وأما ابن أبي الرضى فسبقه بالوفاة سنة إحدى وتسعين ، وأما القاضي سري الدين فإنه كان ذا هيئة حسنة وشيبة منورة وحشمة زائدة ، غير أنه حصل له خرف فكانوا يقربون له أن يتزوج بفلانة بنت فلان الفلاني فيقول : نعم أتزوجها قاطعا بذلك ، ثم يحسنون له