وتسعمائة ، وصلى عليه الزين الشماع ودفن بالرحبي وذلك بعد أن كان خطب بالجامع المذكور أمس السبت ، ولما فرغ من دفنه سمع الزين الشماع جماعة العلاء الكيزواني يقرؤون شيئا من النظم على قبره ، فغضب من ذلك لكونه بدعة ابتدعوها واستوجبوا أن يقال لهم دعوها ، فكتب إلى سيدي علوان الحموي يعلمه بالواقعة ويقدح في الناس بأنهم لا يميلون إلا إلى هوى أنفسهم ، فأجابه برسالة طولى ذكرها في كتاب «عيون الأخبار» ، ومن جملة ما تضمنه أنه يجب على العاقل أن يكون في الغضب والرضى ملاحظا لمولاه فيغضب عند مخالفة الشرع ويرضى عند الموافقة ، فإذا كان رضاه في المدح لنفسه فيرضى موافقة وعبودية أو بالعكس فبالعكس ، وإذا رضي لحظة وغضب كذلك فهذه منازعة للربوبية وأنه لا يحسم مادة الاشتغال بذكر عيوب الخلق إلا بذكر الحق كما أشار إليه قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ)(١).
ومما تضمنه أيضا قوله مخاطبا له : كان الواجب عليكم إذا رأيتم البدعة في الجنازة أن تنكروا على المبتدع شفاها كفاحا إن كان المحل قابلا وكذلك في غيرها ، فإن لم يكن فبالقلب فذلك أضعف الإيمان والسلام.
وكان الشيخ شمس الدين رحمنا الله وإياه متحاشيا عن فاخر الثياب مقصرا ثيابه إلى أنصاف ساقيه عملا بالسنة فهو تقصير ليس فيه تقصير ، متواضعا للناس مكثرا من أن يعبر عن نفسه بكلمة عبيدكم بصيغة التصغير تحقيرا لنفسه ، وكان يستعمل أحيانا صيغة التصغير في حق غيره مثل أن يقول : كيف وليدكم وعبيدكم ، فناقشه بعض الناس في ذلك صورة فأجاب بأنه قصد بصيغة التصغير التعظيم كما هو مذهب الكوفيين.
٧٢٢ ـ علي بن حسن السرميني المتوفى سنة ٩٢٩
علي بن الحسن السرميني ثم الحلبي الفرضي الحيسوب الشافعي شيخنا الملقب بالنعش المخلع.
أخذ الفرائض والحساب عن الجمال الأسعردي ومهر فيهما واشتهر بهما ، وكان له مكتب على باب دار العدل بحلب يطلب منه لكتابة الوثايق المتعلقة بدار العدل وغيرها كما
__________________
(١) الحجرات : ١١.