مولانا قاضي القضاة لا يؤذي ولا يؤذى ، فتبسم ضاحكا وأخذ يذكر ما كان لصحبة جدي الجمالي الحنبلي وهو رفيقه في قضاء حلب ويتأسف على تلك الأيام ويواجه والدي بأوجه كلام.
وقد مدحه من الشعراء من لا يحصون كثرة ، ولو لم يكن ممن مدحه إلا الأديبة الأريبة العالمة العاملة الشيخة الصوفية عائشة الدمشقية المشهورة ببنت الباعوني صاحبة البديعية المشهورة وشرحها لكفت. كانت قد رحلت إلى القاهرة ونزلت بها في منزله عند زوجته الست حلب ومدحته بقصيدة طولى نحو أربعين بيتا ، وكتب إليها وهو بالقاهرة أيضا لغزا في اسم المقر المحبي محمود مستطردا فيه إلى مدحه لما أنها كانت نازلة بشامخ صرحه : شيخنا بالإجازة شيخ العلم والأدب الشريف عبد الرحيم العباسي الشافعي ، فأجابته على لغزه مادحة للمحبي أيضا بقصيدة طولى.
٧١٠ ـ محمد بن علي بن الدهن المتوفى سنة ٩٢٥
محمد بن علي بن أحمد بن الدهن الشيخ المعمر المنوّر شمس الدين الحلبي الشافعي الشهير بابن الدهن شيخ القراء والإقراء بحلب وإمام الحجازية بجامعها الأعظم.
قرأ على جماعة منهم الشيخ الإمام العالم الورع الزاهد منلا سليمان بن أبي بكر المقري الهروي ، ومنهم الشيخ الإمام العالم العامل الورع الناسك الذي لم يوجد في عصره مثله الإمام منلا زاده شهاب الدين أحمد بن عثمان الجرخي ، فالأول قرأ عليه لخمسة مشايخ هم نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم والكسائي إفرادا وقرأ حرز الأماني كامله وأخبره أنه قرأ بها على أكمل المقرئين وأفضل المحدثين أبي الخير محمد بن أحمد الحريري الشافعي ، والثاني قرأ عليه لابن عامر وحمزة إفرادا وبالقراءات السبع جمعا بمضموني الشاطبية والتيسير ، وقرأ عليه حرز الأماني كامله ، وأخبره أنه قرأ بما قرأ عليه على الحافظ المقري الجليل مولانا نور الدين محمود البزازي ، وأخبره أنه قرأ بما عليه قرأ على شيخ القراء والمحدثين محمد بن محمد ابن محمد الجزري الشافعي ، كذا لقيت بخط صاحب الترجمة في أخباره سطّره للشمس محمد بن أمير غفلة. توفي في رمضان سنة خمس وعشرين وتسعمائة.