فاضلا كثير الاشتغال والإشغال مجتهدا في تحصيل العلم والمال ، وله ثروة زائدة حصلها بحيلة العينة. ولما هجم اللنك البلاد عقد مجلس بالقضاة والعلماء بمشاطرة الناس في أموالهم ، فقال الملطي : إن كنتم تفعلون بالشوكة فالأمر لكم ، وأما نحن فلا نفتي بهذا ولا نحل أن يعمل به في الإسلام ، فانكف الأمراء عن التعرض لذلك ثم عن ارتجاع الأوقاف والإقطاع بزعم الاستعانة بذلك في دفع تمر لنك ، فكان ذلك معدودا في حسناته مع كونه لا تحمد سيرته في القضاء وكونه نسب إليه ما تقدم ، ولكنه قد ثبت أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر.
وقال شيخنا في رفع الإصر وغيره : إن المحب ابن الشحنة دخل عليه يوما فذاكره بأشياء وأنشده هجوا فيه موهما أنه لبعض الشعراء القدماء في بعض القضاة وهو :
عجبت لشيخ يأمر الناس بالتقى |
|
وما راقب الرحمن يوما وما اتقى |
يرى جائزا أكل الحشيشة والربا |
|
ومن يستمع للوحي حقا تزندقا |
مات في ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثلاث ، وشغر منصب القضاء بعده قليلا إلى أن استقر أمين الدين ابن الطرابلسي. وذكره المقريزي في عقوده وغيرها بما قال بعض المؤرخين : إن الحامل له عليه العداوة مع كونه لم ينفرد بكثير مما قاله رحمهالله وعفا عنه ا ه.
٤٨٢ ـ أحمد بن علي المنذري المتوفى سنة ٨٠٣
أحمد بن علي بن محمد بن أبي الفتح النور المنذري الدمشقي ثم الحلبي الشافعي ، ويعرف بابن النحاس وبالمحدث.
اشتغل بالحديث وحصل منه طرفا ، وأخذ عن الصلاح الصفدي ، وسمع بدمشق وحلب الكثير من أصحاب ابن عبد الدايم ، ثم أقام بها وأقرأ بها بعض الطلبة ، وكانت محاضرته حسنة يستحضر من التاريخ وأيام الناس طرفا جيدا. وأثنى البلقيني على فضيلته. وتحول إلى كلّز من أعمال حلب فسكنها وقرأ البخاري على الناس ، ثم انتقل إلى سرمين فمات بها في سنة ثلاث فيما يغلب على ظني. قاله ابن خطيب الناصرية ، وأورده شيخنا في سنة أربع من إنبائه باختصار نقلا عنه ا ه.