كان أولا من جملة أمراء دمشق ، ثم ولي حجوبية الحجاب بها ، ولما ولي الحجوبية شدد على العوام وأبادهم وحرض على النهي عن بيع المنكرات وعن السكر وعاقب على ذلك خلائق ، واستمر على ذلك مدة وعظمت حرمته وقويت هيبته على العوام إلى الغاية وحسنت به أحوال الرعية ، واستمر على ذلك إلى أن طلب الأمير ألطنبغا الجوباني نائب دمشق إلى الديار المصرية ، وأمسكه الملك الظاهر برقوق بالقرب من قطيا قبل وصوله إلى القاهرة وحبسه بالإسكندرية ، فعند ذلك أرسل الملك الظاهر إلى طرنطاي المذكور تشريفا بنيابة دمشق عوضا عن الجوباني وذلك في سلخ شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، فوصل إليه التشريف السلطاني في أوائل ذي القعدة ، واستمر في نيابة دمشق واشتغل بحرب منطاش عن العوام.
واستمر طرنطاي في نيابة دمشق إلى أن قدمها يلبغا الناصري ومنطاش ، وخرج إليهم طرنطاي صحبة العسكر السلطاني المصري والشامي وتقاتل مع الناصري ومنطاش حتى انهزم وقتل الأمير جاركس الخليلي أمير أخور وقبض الأتابك أيتمش على طرنطاي المذكور وحبس بقلعة حلب إلى أن ملكها الأمير كمشبغا الحموي بعد خروج برقوق من حبس الكرك ، أطلقه وأنعم عليه ، وأقام عند كمشبغا وقاتل أهل بانقوسا معه ، ثم سيره إلى الملك الظاهر برقوق فوافاه بظاهر دمشق فقبل الأرض بين يديه وأقام عنده حتى وصل منطاش بالملك المنصور إلى ظاهر دمشق وواقع برقوق ، فقاتل الأمير طرنطاي المذكور يومئذ بين يدي برقوق حتى قتل في المعركة في يوم الأحد سادس عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.
وكان أميرا جليلا مهابا مطاعا عادلا في حكمه مشهور السيرة منقادا إلى الخير ، جدد بحلب المدرسة خارج باب النيرب وعمل لها خطبة ووقف على ذلك وقفا جيدا. ومات وهو من أبناء الخمسين رحمهالله (المنهل الصافي).
الكلام على المدرسة الطرنطائية :
مكان هذه المدرسة في آخر محلة باب النيرب في المحلة المعروفة الآن بمحلة محمد بك ، وهي مدرسة شاهقة البناء تضارع القلاع في إحكام البناء وإتقانه ، ومكتوب على بابها كتابة حديثة استند فيها على ما أخبرت على ما رؤي ببعض الكتب وهي : [أوقف هذين الجامع