اللغوية ، أعني اللبث ، فإنّ الخروج منافٍ للّبث.
ونظر أرباب القول الثالث إلى أنّ الخروج المتطاول منافٍ للمهيّة العُرفية ، والقصير ليس بمنافٍ لها ؛ إذ لم تثبت الحقيقة الشرعية فيه كذلك كما لا يخفى.
فالمهم بيان الدليل على إبطال ما هو منافٍ للبث لغةً ، وقد عرفت أنّه لا دليل عليه.
فالأقوى القول بالتفصيل ؛ للأصل ، والإطلاق ، والاستصحاب ، وعدم الدليل ، والله يقول الحقّ ، وهو يهدي السبيل.
فرعان :
الأوّل : لو نذرَ أن يعتكف أيّاماً معيّنة ، كشهر رمضان ، أو العشر الأخر منه متتابعاً ، فعن الشيخ في المبسوط : أنّه تلزمه المتابعة فإن أخلّ بها استأنف (١) ، وتبعه الفاضلان في الشرائع والتذكرة (٢).
وعلله العلامة في المختلف والتذكرة بعدم الإتيان بالمنذور ، ومخالفة الشرط.
وقال في المختلف : ولقائل أن يقول لا يجب الاستئناف ، وإن وجب عليه الإتمام متتابعاً ، وكفّارة خلف النذر ؛ لأنّ الأيّام التي اعتكفها متتابعة ، وقعت على الوجه المأمور به ، فيخرج بها عن العهدة ، ولا يجب عليه استينافها ؛ لأنّ غيرها لم يتناوله النذر ، بخلاف ما إذا أطلق النذر ، وشرط التتابع ؛ فإنّه هنا يجب الاستيناف ؛ لأنّه أخل بصفة النذر ، فوجب عليه استئنافه من رأس ، بخلاف صورة النزاع ، والفرق بينهما تعيّن الزمان هناك ، وإطلاقه هنا ، وكلّ صوم مُتتابع في أيّ زمان كان مع الإطلاق يصحّ أن يجعله المنذور ، أما مع التعيّن فلا يمكنه البدل (٣) ، انتهى.
وارتضاه صاحب المدارك ، وجده رحمهالله في المسالك ، وزادا على ذلك : أنّ
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٩١.
(٢) الشرائع ١ : ١٩٤ ، التذكرة ٦ : ٣١٠.
(٣) المختلف ٣ : ٥٨٧.