في المختلف إليه القول بالحرمة (١) ، وعبارته مشتبهة ، ولا يبعد كونها أظهر في الحرمة.
وكيف كان فالأظهر هو الحرمة ، ويدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع المنقول ما رواه الكليني في الصحيح ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «المعتكف لا يشمّ الطيب ، ولا يتلذذ بالريحان ، ولا يُماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع» (٢).
وعن المبسوط : أنّه روي أنّه يتجنب ما يجتنبه المحرم (٣).
ثمّ إنّ الأقوى حُرمة شمّ الرياحين أيضاً ؛ لدلالة الصحيحة عليه ، ولعلّ وجه تعديد العنوان ، والفرق بينهما مع ورودهما معاً في الصحيح : هو ملاحظة قوّة الدليل ، كما فرّقوا في إحرام الحج بين استعمال الطيب من باب المسك والعنبر والزعفران ونحوها ، وبين شمّ النباتات ، وكذلك جعلهم النباتات أقساماً مختلفة اختلفت أقوالهم فيها.
والقول بحُرمة شمّ الرياحين في الإحرام أضعف من استعمال الطيب ، فكذا هنا.
وكذلك يَحرم عليه البيع والشراء بلا خلاف ظاهر ، بل يَظهر من المدارك أنّه قول علمائنا (٤) ، وادّعى عليه في الانتصار الإجماع (٥) ، وتدلّ عليه الصحيحة المذكورة.
قال في المسالك : وفي تعديته إلى ما يساويهما في المعنى من أنواع التجارة ، كالصلح والإجارة قولان ، منشؤهما المشاركة في الحكمة الصالحة لعليّة الحكم ، وهو الاشتغال عن العبادة المطلوبة من الاعتكاف ، وبطلان القياس ، وبالغ العلامة فعدي التحريم إلى جميع التجارات والصنائع المشغلة عن العبادة ، كالحياكة والخياطة وأشباههما ، وهو أولى (٦) ، انتهى كلامه رحمهالله.
أقول : وادّعى في الانتصار على مُطلق التجارة إجماع الإماميّة (٧).
__________________
(١) المختلف ٣ : ٥٨٩.
(٢) الكافي ٤ : ١٧٧ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٤١١ أبواب الاعتكاف ب ١٠ ح ١.
(٣) المبسوط ١ : ٢٩٣.
(٤) المدارك ٦ : ٣٤٤.
(٥) الانتصار : ٧٤.
(٦) المسالك ٢ : ١٠٩ ، وبالغ العلامة في المنتهي ٢ : ٦٣٩.
(٧) الانتصار : ٧٤.