مع أنّ روايته من حيث المضمون مُخالفة لسائر الأخبار في ولادة عيسى ، فقد مرّ أنّها أوّل ذي الحجة ، وتوبة قوم يونس ، فقد ورد أنّها كانت في شوال ، وتوبة آدم ، فقد ورد أنّها كانت في يوم الغدير ، وغير ذلك.
وأما ذكر قيام القائم ، فلعلّه من جهة تخليطه حتى لا يكذب في سائر ما ذكر.
وأما حكاية صوم رسول اللهُ ، فيمكن دفعه باحتمال نسخه ، كما تدلّ عليه روايات ، منها ما رواه الصدوق ، قال : سأل محمّد بن مسلم وزرارة أبا جعفر الباقر عليهالسلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال : «كان صومه قبل شهر رمضان ، فلمّا نزل شهر رمضان ترك» (١) وسنده إلى زرارة صحيح.
وما رواه الكليني والشيخ ، عن نجية بن الحارث العطار ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن صوم عاشوراء؟ فقال : «صوم متروك بنزول شهر رمضان ، والمتروك بدعة» قال نجية : فسألت أبا عبد الله عليهالسلام من بعد أبيه عليهالسلام عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه : قال : «أما إنّه صوم يوم ما نزل به كتاب ، ولا جَرَت به سنّة ، إلا سنّة آلِ زياد ؛ لقتل الحسين بن علي عليهالسلام» (٢).
وأما ما يدلّ على الإمساك حُزناً إلى العصر ، فهو ما رواه الشيخ في المصباح ، عن عبد الله بن سنان والظاهر أنّه صحيح قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام في يوم عاشوراء فلقيته كاشف اللون ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كأمثال اللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول الله ممّ بكاؤك؟ لا أبكى الله تعالى عينيك ، فقال : «أوَفي غفلة أنت؟! أما علمت أنّ الحسين أُصيب في مثل هذا اليوم؟!» فقلت : يا سيدي ، فما قولك في صومه؟ فقال : «صمه من غير تبييت ، وأفطره من غير تشميت ، ولا تجعله يوم صوم كملاً ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من ماء ؛ فإنّه في ذلك الوقت
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٥١ ح ٢٢٤ ، الوسائل ٧ : ٣٣٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ١.
(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٤١ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٥.