الخوف على النفس ، فليس كذلك ؛ لأنّ دراية المقام قرينة على إرادة عدم الطاقة من جهة الولد من الرواية.
وأمّا ما يستدلّ على لحوقهما بالمريض حينئذٍ بمشاركتهما في خوف الضرر على النفس ، مع كون المقتضي في المريض هو الخوف والمرض مظنته ، ولذا لو علم عدم التضرر وجب الصوم.
ففيه : أنّا وإن فهمنا من قول الشارع «المرض الذي يحصل معه الظن بالضرر يوجب الإفطار» أنّ علّة الإفطار ظنّ الضرر فيلزم ثبوته في كلّ ما هو كذلك ، ومنه صوم الحامل والمرضع الظانتين للضرر بالنفس ، بل ويدخل ذلك في عموم ما دلّ على أنّ خوف حصول المرض بالصوم يوجب الإفطار ، وإن لم يكن المرض حاصلاً بالفعل ولكن غاية ذلك جواز الإفطار ، وأما لزوم الفدية والقضاء أو عدمهما فكلا ، ومرادنا إثبات عدم الفدية كما في المريض.
وبما ذكرنا من تقرير الدليل في طيّ قولنا : وإنّا وإن فهمناه إلى أخره يندفع ما أورده فخر المحققين على هذا الاستدلال من قوله : ويرد عليه انتفاء ما نصّ الشارع على كونه علّة ؛ إذ الحكمة التي تشتمل عليها أوصاف نَصّ الشارع على عليتها لا يصحّ تعدية الحكم بها ؛ لأنّها تشبه العلّة ، والتحقيق أنّ الحكمة إذا اعتبرت في علّة الوصف وعدمها في عدمه كانت هي العلّة في الحقيقة ، وكان الوصف معرّفاً ، فلا يضرّ تخلّفه مع وجودها ، بخلاف ما لو جعل الشارع الوصف علّة ؛ لكونه مظنّة الحكمة ، فالحكمة علّة غائية لا يضرّ تخلّفها ، بخلاف الوصف (١) ، انتهى كلامه.
ووجه الاندفاع : أنّ مراد المستدلّ ليس أنّ المرض مظنّة للخوف ، بمعنى أنّه قد يحصل معه ، كالاحتراز عن نتن رياح الآباط ، مع أنّه قد لا يحصل الاحتراز من جهة عدم النتن جزماً حتى يقال : إنه لا يوجب التعدي عن محلّ الوصف الذي هو كونه غسل
__________________
(١) إيضاح الفوائد ١ : ٥٣٥.