الجزيرة بأنَّه لا يريد حرباً ولا قتالاً، وبلغ المشركين خروجه، فأجمع رأيهم علىٰ صدِّه عن المسجد الحرام..
فسار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، بأصحابه حتَّىٰ دنا من الحديبية، وهي علىٰ تسعة أميال من مكَّة، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأىٰ في المنام أنَّه دخل البيت وحلق رأسه وأخذ المفتاح (١).
أرسلت إليه قريش مِكرز بن حفص، فأبىٰ أن يكلِّمه، وقال : « هذا رجل فاجر »، فبعثوا إليه الحُليس بن علقمة من بني الحارث بن عبد مناة، وكان من قوم يتألَّهون، فلمَّا رأىٰ الهدي قد أكلت أوبارها، رجع؛ فقال : يا معاشر قريش إنِّي قد رأيت ما لا يحلُّ صدُّه عن البيت..
وكان آخر من بعثوا سهيل بن عمرو ليصالحه علىٰ أن يرجع عنهم عامه ذلك، فأقبل إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فكلَّم رسول الله وأرفقه، ثُمَّ جرىٰ بينهم الصلح، فدعا رسول الله عليَّ بن أبي طالب عليهالسلام فقال : « أكتب بسم الله الرحمن الرحيم » (٢)، فقال سهيل : لا نعرف هذا ولكن اكتب.. باسمك اللَّهمَّ، فكتبها. وقيل : قال عليهالسلام : « لولا طاعتك يا رسول الله لما محوت ».
ثُمَّ قـال : « اكتب : هذا ما صالح عليه محمَّد رسول الله سهيل بن عمرو » (٣) فقال سهيل : لو نعلم أنَّك رسول الله لم نقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال لعليٍّ : « امحُ رسول الله » فقال : « لا أمحوك
_______________________
١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٤.
٢) حسب رواية ابن الأثير في الكامل في تاريخ ٢ : ٩٠.
٣) إعلام الورىٰ ١ : ٣٧٢.